قوله تعالى: {إن المجرمين في ضلال وسعر 47 يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر 48 إنا كل شيء خلقناه بقدر 49 وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر 50 ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر 51 وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}
  قلنا: ليس في الظاهر ما يوجب حمل الآية عليه، ولأنه ثبت أن أفعالهم ليست بخلق الله تعالى، لأن فيه الكفر والظلم، وقتل الأنبياء، ولأنه تمدح بالآية، وليس في خلق الكفر والمعاصي تمدح، ولأنه تعالى احتج بالآية عليهم، ولو كان كما قالوا لكانت الآية حجة لهم عليه، ولأنه ذمهم ووبخهم، ولو كان خلقًا فيهم لما صح ذلك، ولأنه أمرهم بخلاف ذلك، وكيف يأمرهم بخلاف ما يخلق، ولأن في الآية: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} وفيها: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} وعيدًا لهم، وفيها ذكر المتقين والوعد لهم، وكل ذلك يبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
  «وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ» قيل: أراد قيام الساعة، عن ابن عباس، يعني إذا أردنا قيامها أعدنا السماوات والأرض وجميع المخلوقات والحيوانات في قدر لمح البصر سرعة، وقيل: أراد إنْ أراد تكوين شيء كان كما أراد في سرعة من غير امتناع، عن أبي علي، وقيل: لا يحتاج في أفعاله إلى أن يفعل مرتين «وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ» قيل: من كان على دينكم مُعِينِينَ لكم، مجتمعين على عداوة الرسول، فَقُتِلُوا وأهلكوا، عن أبي علي، وقيل: هو على الأمم السالفة، عن الحسن، وسموا أشياعهم لموافقتهم في الكفر والتكذيب للأنبياء، وقيل: أشباهكم في الكفر من الأمم «فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» أي: من متعظ بهلاكهم ومصارعهم، وهذا تلطف في الاستدعاء أي: من كان متعظًا بشيء فليتعظ بهذا «وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ» أي: الأشياع من خير وشر «فِي الزُّبُرِ» قيل: في الكتب، عن الضحاك، وابن زيد، وقيل: الكتب التي كتبها الحفظة، إشارة إلى أنهم غفلوا ولم يغفل عنهم، عن أبي علي، وقيل: في اللوح المحفوظ «وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ» من أفعالهم «مُسْتَطَرٌ» أي: مكتوب، عن ابن عباس وجماعة، قال أبو علي: أراد مكتوب محفوظ عليهم ليعلموا أنه لا يخفى عليه شيء. «إِنَّ الْمُتَّقِينَ» الَّذِينَ اتقوا المعاصي «فِي جَنَّاتٍ» بساتين «وَنَهَرٍ» قيل: أنهار ومياه جارية، وقيل: أراد الأنهار، فذهب مذهب الجنس، وقيل: في نهار؛ أي: ضياء وسعة «فِي مَقْعَدِ» أي: في موضع قعود «صِدْقٍ» قيل: مجلس حق لا لغو فيه، وهو الجنة، وقيل: وصف