التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار 14 وخلق الجان من مارج من نار 15 فبأي آلاء ربكما تكذبان 16 رب المشرقين ورب المغربين 17 فبأي آلاء ربكما تكذبان 18 مرج البحرين يلتقيان 19 بينهما برزخ لا يبغيان 20 فبأي آلاء ربكما تكذبان 21 يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان 22 فبأي آلاء ربكما تكذبان 23 وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام 24 فبأي آلاء ربكما تكذبان 25 كل من عليها فان 26 ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 27 فبأي آلاء ربكما تكذبان 28 يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن 29 فبأي آلاء ربكما تكذبان 30}

صفحة 6716 - الجزء 9

  واختلف المتكلمون في إفناء العالم، فذهب بعضهم إلى أنه لا يفنى، والباقون إلى أنه يفنى، ثم اختلفوا قيل: يخلق الفناء معنى، عن أبي علي، وأبي هاشم، وقيل: بألا يخلق فيه البقاء فينتفي، عن أبي القاسم، وقيل: بأن يعدمها، عن أبي الحسين الخياط، وقيل: بأن يخلق فيها كونًا لا يفنى، فإذا فني الكون فنيت الجواهر.

  واختلفوا في البقاء والفناء، فقيل: البقاء ليس بمعنى، والفناء معنى، عن أبي علي، وقيل: البقاء معنى، والفناء ليس بمعنى، عن أبي القاسم، وقيل: كلاهما ليس بمعنى، فالباقي هو مستمر الوجود، والبقاء استمراره، والفناء إعدام الموجود، والفاني: الذي هو عدم بعد الوجود، عن أبي الحسين الخياط، وقيل: هما بمعنىً، عن بعضهم.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} في اليهود، عن مقاتل.

  · المعنى: ثم بَيّنَ تعالى من أدلته على وحدانيته، ونعمه على خليقته، عطفًا على ما تقدم من ذلك، فقال - سبحانه -: «خَلَقَ الْإِنْسَانَ» قيل: آدم، وقيل: جميع البشر؛ لأن أصلهم آدم، وقد خلق من الطين «مِنْ صَلْصَالٍ» قيل: من طين يابس يسمع له صلصلة، عن قتادة، وقيل: الحمأ المنتن، وقيل: بحمله عليهما؛ لأنه كان حمأ ثم صار يابسًا «كَالْفَخَّارِ» كالآجر «وَخَلَقَ الْجَانَّ» قيل: أبو الجن، كما أن آدم أبو الإنس، عن الحسن، وقيل: هو إبليس، عن الضحاك، وقيل: الجان واحد الجن، عن أبي عبيدة. «مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ» قيل: من نار مختلط، أحمر وأسود وأبيض، عن مجاهد، قال: لهب مختلط أحمر وأصفر وأخضر، وقيل: من لهب النار، عن قتادة، وقيل: هو