قوله تعالى: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار 14 وخلق الجان من مارج من نار 15 فبأي آلاء ربكما تكذبان 16 رب المشرقين ورب المغربين 17 فبأي آلاء ربكما تكذبان 18 مرج البحرين يلتقيان 19 بينهما برزخ لا يبغيان 20 فبأي آلاء ربكما تكذبان 21 يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان 22 فبأي آلاء ربكما تكذبان 23 وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام 24 فبأي آلاء ربكما تكذبان 25 كل من عليها فان 26 ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 27 فبأي آلاء ربكما تكذبان 28 يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن 29 فبأي آلاء ربكما تكذبان 30}
  لهب خالص صافٍ لا دخان فيه، والأولى أنه اللهب المختلط «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» أي: بأي نعمه تكذبان أيها الثقلان.
  ومتى قيل: لِمَ كرر هذه الآية؟
  قيل: لأنه عدّ نعماءه نعمة [نعمةً]، فذكر عقيب كل نعمة ما ينبه على الشكر، وترك التكذيب.
  «رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ» قيل: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، وكذلك مغربهما، عن قتادة، ومجاهد. «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. مَرَجَ الْبَحْرَيْن يَلْتَقِيَانِ. بَينَهُمَا بَرْزَخٌ» قيل: اختلط طرفاهما عند التقائهما من غير أن يختلط جملتهما، وقيل: مَرْجُهُما إرسالهما، عن ابن عباس، وقيل: اضطرابهما بالرياح العواصف، واختلفوا في البحرين، قيل: بحر فارس والروم، عن الحسن، وقتادة، وقيل: بحر السماء والأرض «يَلْتَقِيَانِ» في كل عام، عن ابن عباس، ومجاهد، وقيل: البحران الملح والعذب «بَينَهُمَا بَرْزَخٌ» حاجز حائل من قدرة الله وحكمته أن يغلب الملح العذب والعذب الملح، عن قتادة، وقيل: حاجز من الجزائر «لاَ يَبْغيانِ» قيل: لا يختلطان، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، عن مجاهد، وقيل: لا يطغيان على الناس بالغرق، عن قتادة. «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. يَخْرُجُ مِنْهُمَا» العذب والملح يلتقيان، فيكون العذب كاللقاح للملح، كما يقال: يخرج الولد من الذكر والأنثى، وإنما تلده الأنثى، وعن ابن عباس: إذا جاء القطر من السماء فتحت الأصداف في البحر، فكان من ذلك اللؤلؤ، وهذا على قوله: إن البحرين: بحر الأرض، وبحر السماء، وقيل: إنه يخرج من أحدهما، ومثل ذلك جائز، كقوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام: ١٣٠] والرسل من الإنس، والأوجه هو الأول؛ لأنه لا مانع من حمله على حقيقته، وقد ذكر عن الغواصين أن ذلك لا يوجد إلا في المواضع الذي يلتقي العذب والمالح، وهو قول أبي علي. «اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قيل: اللؤلؤ: كبار