التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار 14 وخلق الجان من مارج من نار 15 فبأي آلاء ربكما تكذبان 16 رب المشرقين ورب المغربين 17 فبأي آلاء ربكما تكذبان 18 مرج البحرين يلتقيان 19 بينهما برزخ لا يبغيان 20 فبأي آلاء ربكما تكذبان 21 يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان 22 فبأي آلاء ربكما تكذبان 23 وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام 24 فبأي آلاء ربكما تكذبان 25 كل من عليها فان 26 ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 27 فبأي آلاء ربكما تكذبان 28 يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن 29 فبأي آلاء ربكما تكذبان 30}

صفحة 6718 - الجزء 9

  الدر، زالمرجان: صغاره، وقيل: المرجان: الخرز الأحمر، عن أبي مالك، وقيل: هو البُسَّذُ، عن عطاء الخراساني، وقيل: المرجان: حجر، عن ابن مسعود، وقيل: المرجان: اللؤلؤ الكبار، عن أبي علي، وابن عباس، والأولى أن يحمل على ما يخرج من البحر، وقد روي عن سلمان، وسعيد بن جبير، وسفيان الثوري، في الآية معنى لا يدل عليه الظاهر، ولا دل دليل أنه المراد بالآية، قالوا: مرج اختلط، البحران علي وفاطمة {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} محمد ÷ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} الحسن والحسين، فإن كان هذا مسموعًا من النبي ÷ فذاك، وإلا فالظاهر لا يدل عليه، فلا يجوز حمله عليه، ولأنه فتح باب أقوال الباطنية، وكذلك ما قيل: البحران: القرآن والدنيا، وما قيل: بحر الدنيا والعقبى، والبرزخ: القبر، وغير ذلك مما لا ينبغي أن يشتغل بمثله؛ إذ لا مانع من حمل الكلام على ظاهره، وحقيقته حمله عليه، وقد روي عن بعضهم أن البحرين: الحجة والشبهة، والبرزخ: النظر، والمرجان واللؤلؤ:

  الحق والدين، وهذا كالأول في أنه خلاف الظاهر، وفيه تعسف شديد «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ» قيل: السفن المرفوعات، وقيل: المخلوقات «كَالْأَعْلَامِ» كالجبال العظام «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ» أي: كل من على الأرض فانٍ «وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ» قيل: يبقى ربك، فذكر الوجه تأكيدًا، كما يقال: وجه الرأي، وليس ثَمَّ جارحة، والمراد حقيقته وصوابه، وقيل: يبقى ما فعل لوجه الله، أي: لرضاه «ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ» قيل: ذي العظمة والإعظام، يعني أهل بأن يعظم ويبجل، وذلك بأن يوصف بما يليق به، ولعبد حق عبادته «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» أي: بأي نعمه تكذبان، ببقائه وصفاته في التمجيد، أم بفنائكم لتصلوا إلى الثواب.

  ومتى قيل: أي نعمة في الفناء؟