التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذا وقعت الواقعة 1 ليس لوقعتها كاذبة 2 خافضة رافعة 3 إذا رجت الأرض رجا 4 وبست الجبال بسا 5 فكانت هباء منبثا 6 وكنتم أزواجا ثلاثة 7 فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة 8 وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة 9 والسابقون السابقون 10 أولئك المقربون 11 في جنات النعيم 12}

صفحة 6739 - الجزء 9

  {وَالسَّابِقُونَ} رفع على الابتداء، والثاني: يصلح أن يكون خبرًا للأول، كأنه قيل: السابقون في كذا هم السابقون في الخير، وقيل: خبره: {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}.

  · المعنى: «إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ» الواقعة القيامة، قيل: سميت بها؛ لأنها كائنة لا محالة، فهي كالواقعة، عن الأصم، وقيل: أراد بالوقوع الوجوب، أي: واجب قيامها، وقيل: سميت واقعة لصوتها، أي: نزلت صيحة القيامة، وتلك النفخة الآخرة، وقيل: معناه دنت القيامة «لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ» أي: ليس في كونها تكذيب «خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ» قيل: تخفض أقوامًا إلى النار، وترفع أقوامًا إلى الجنة، عن الحسن، وأبي علي، وقيل: خفضت بالصوت فأسمعت القريب، ورفعت فأسمعت البعيد، عن عكرمة، والسدي، ومقاتل، وقيل: رفعت أقوامًا إلى عليين، كانوا أذلاء في الدنيا، وخفضت أقوامًا إلى أسفل السافلين، كانوا مرتفعين في الدنيا، وقيل: رفعت قومًا بالفضل، وخفضت قومًا بالعدل «إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا» قيل: زلزلت زلزالاً شديدًا، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والزلزلة: الحركة باضطراب، وقيل: تُرَجُّ كما يرج الصبي في المهد، فينهدم كل بناء عليها «وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسُّا» قيل: تبث بثًا، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي، أي: فُرِّقَتْ فصارت كالسويق، وقيل: أذهبت إذهابًا، عن عطاء، وقيل: كسرت كسرًا، عن سعيد بن المسيب، وقيل: سيرت عن وجه الأرض تسييرًا، عن الكلبي، وقيل: قلعت من أصلها، فذهبت بعدما كانت صخرة صماء، عن الحسن، وقيل: بسطت بسطًا، كالرمل والتراب، عن عطية، وقيل: جعلت كثيبًا مهيلاً، عن ابن كيسان. «فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا» قيل: هو الغبار يدخل في الكوة مع الشعاع، عن الحسن، وقيل: رَهَجُ الدواب، عن علي، وقيل: ما تطاير من