التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذا وقعت الواقعة 1 ليس لوقعتها كاذبة 2 خافضة رافعة 3 إذا رجت الأرض رجا 4 وبست الجبال بسا 5 فكانت هباء منبثا 6 وكنتم أزواجا ثلاثة 7 فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة 8 وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة 9 والسابقون السابقون 10 أولئك المقربون 11 في جنات النعيم 12}

صفحة 6740 - الجزء 9

  شرر النار، عن عطية، وقيل: حطام الشجر، عن قتادة. «مُنْبَثًّا» متفرقًا «وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً» أي: أصنافًا.

  ثم بَيَّنَ الأصناف، فقال - سبحانه -: «فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ» قيل: الذي يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وقيل: هم الَّذِينَ يعطون كتبهم بأيمانهم، عن الضحاك، وأبي علي، وقيل: هم الَّذِينَ كانوا ميامين مباركين على نفوسهم، وكانت أعمارهم في طاعة الله، وهم التابعون بإحسان، عن الحسن، والربيع.

  ثم عَجَّبَ رسوله من حالهم تفخيمًا لشأنهم، فقال - سبحانه -: «مَا أَصْحَابُ الْمَيمَنَةِ» كما يقال: زيد ما زيد «وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ» قيل: الَّذِينَ يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، وقيل: يعطون كتبهم بشمائلهم، عن الضحاك، وأبي علي، وقيل: هم المشائيم على أنفسهم، فكانت أعمارهم في معصية اللَّه، عن الحسن. ثم عجب من حالهم لعظيم شأنهم في العذاب، فقال: «مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ». «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ» قيل: هم الَّذِينَ صَلُّوا إلى القبلتين، عن ابن سيرين، وقيل: السابقون إلى اتباع الأنبياء، فصاروا أئمة في الهدى، فهم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله، عن أبي علي، وقيل: السابقون إلى طاعة الله: السابقون إلى رحمته، وقيل: السابقون أولهم رواحًا إلى المساجد، وأولهم خروجًا في سبيل الله، وقيل: السابقون إلى الهجرة، وهم السابقون إلى الجنة، عن ابن عباس. وقيل: إلى الصلوات الخمس، عن علي #، وقيل: إلى الإسلام، عن عكرمة. وقيل: إلى الجهاد، عن الضحاك، وقيل: إلى كل خير، عن القرظي، وقيل: إلى التوبة وأعمال البر، يعني يسارعون إليها، عن سعيد بن جبير، وقيل: السابقون إلى ما دعا الله إليه، عن ابن كيسان، وهذا هو الأوجه؛ لأن الكلام عام، فيحمل على جميع ما تقدم، وكأنَّ المراد من عظم محله في العلم والعمل، يسبق إلى التوحيد والعدل، وتصديق