قوله تعالى: {ثلة من الأولين 13 وقليل من الآخرين 14 على سرر موضونة 15 متكئين عليها متقابلين 16 يطوف عليهم ولدان مخلدون 17 بأكواب وأباريق وكأس من معين 18 لا يصدعون عنها ولا ينزفون 19 وفاكهة مما يتخيرون 20 ولحم طير مما يشتهون 21 وحور عين 22 كأمثال اللؤلؤ المكنون 23 جزاء بما كانوا يعملون 24 لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما 25 إلا قيلا سلاما سلاما 26}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ حال السابقين، فقال - سبحانه -: «ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ» جماعة كثيرة من الأمم الماضية «وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ» من أمة محمد ÷. وروي عنه أنه قال: «السابقون أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم»، وقيل: جماعة من أوائل هذه الأمة وهم الصحابة، وقليل من أواخرهم ممن قرب حالهم من حال أولئك، «عَلَى سُرُرٍ» جمع سرير «مَوْضُونَةٍ» قيل: مشبكة بالذهب والجوهر، وقيل: مملوءة بالذهب، عن ابن عباس، ومجاهد، وقيل: بالدر مشبكة والياقوت، عن عكرمة، وقيل: مصفوفة، عن ابن عباس، والضحاك، وقيل: طول كل سرير ثلاثمائة ذراع، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت، فإذا جلس عليها ارتفعت «مُتَّكِئِينَ» أي: مستندين جالسين جلوس الملوك من النعمة والأمن «مُتَقَابِلِينَ» أي: يقابل بعضهم بعضًا للزيارة، ولا يرى بعضهم قفا بعض، وقيل: تقابل المرأة زوجها، وبعضهم بعضًا للأُنس إتمامًا للسرور، عن أبي علي. «يَطُوفُ عَلَيهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ» قيل: باقون، لا يموتون، عن مجاهد، وقيل: مخلدون على حال واحد، لا يهرمون، عن الحسن، وقيل: مُقَرَّطُون، عن سعيد بن جبير، والفراء. قال المؤرج: يقال للقرط: الخلد، قال الشاعر:
  ومُخَلَّدَاتٍ بِاللُّجَيْنِ كَأَنَّمَا
  واختلفوا في الولدان، فقيل: هم أولاد الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها، ولا سيئات فيعاقبوا؛ لأن الجنة لا ولادة فيها، عن علي #، والحسن، وروي عن النبي ÷ أنه سئل عن أطفال المشركين، فقال: «هم خدم أهل الجنة»، فعلى هذا يحمل قول علي والحسن، لأن أطفال المؤمنين مع آبائهم، وقيل: بل هم من خدم