التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم 75 وإنه لقسم لو تعلمون عظيم 76 إنه لقرآن كريم 77 في كتاب مكنون 78 لا يمسه إلا المطهرون 79 تنزيل من رب العالمين 80 أفبهذا الحديث أنتم مدهنون 81 وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون 82 فلولا إذا بلغت الحلقوم 83 وأنتم حينئذ تنظرون 84 ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون 85}

صفحة 6766 - الجزء 9

  كريم، وقيل: بل هو بدل من قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ} والقسم وقع به، والكريم في صفة القرآن معناه: عزيز من حقه أن يعظم، لعظم محله من الدين؛ لأنه كلام رب العزة، ولأنه محفوظ من التغيير والتبديل، ولأنه معجز، ولأنه يشتمل على الأحكام والمواعظ، وقيل: كريم على الملائكة والنبيين، وكل جليل خطير عزيز فهو كريم، وقيل: لأنه أكرم من كل كتاب «فِي كتَابٍ مَكْنُونٍ» أي: محفوظ مصون، قيل: هو اللوح المحفوظ «لاَ يَمَسُّهُ» الهاء في «يمسه» فيها قولان:

  أولهما: ترجع إلى الكتاب الذي في السماء، وهو اللوح المحفوظ، عن ابن عباس، والحسن، والأصم، وأبي علي.

  وثانيهما: أنه كناية عن القرآن، عن عمر، وسعد، وسلمان، وقتادة.

  «إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» قيل: لا يمسه إلا الملائكة المطهرون من الذنب، عن ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وأنس، وجابر بن زيد، ومجاهد، وقيل: لا يمسه إلا الملائكة والأنبياء، عن أبي العالية، وهذا على أنه كتاب في السماء، فأما من قال: إنه القرآن قيل: لا يمسه ولا يقرؤه إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، يعني من الجنابة، وقيل: لا يمسه عند الله إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فأما في الدنيا فيمسه المشرك، وقيل: الْمُطَهَّرُونَ من الشرك، عن ابن عباس، وقيل: الموحدون، فلا يُمَكَّنُ اليهود والنصارى منه، عن عكرمة، وقيل: لا يمسه بالعمل إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وهم المؤمنون، قيل: لا يعرف تفسيره ومعانيه إلا المؤمنون والراسخون في العلم، وقيل: سمي المصحف قرآنًا؛ لأن فيه القرآن، عن أبي علي، وقيل: لأن فيه أمارات حروفه، عن أبي هاشم. «تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» أي: منزل من جهته، فسمي المنزل تنزيلاً، كما يقال: هذا ضَرْبُ الأمير، أي: مضروبه «أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ» قيل: القرآن، وقيل: الإعادة، وقيل: حديث النبوة «أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ» قيل: مكذبون، عن ابن عباس، وقيل: كافرون، عن مقاتل، وقيل: المدهن الذي لا يفعل ما يجب عليه ويدفعه بالعلل، وقيل: المدهن المنافق، وقيل: يريدون أن يمالوهم فيه، ويركنوا إليهم، عن مجاهد. «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ