التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم 11 يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم 12 يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14 فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير 15}

صفحة 6784 - الجزء 9

  والتربص: الانتظار والترقب، وهو التوقف بالأمر إلى مدة، يقال: لي في هذا الأمر رُبْصَةٌ، أي: تربص.

  الْغَرُورُ: بالضم المصدر، وبالفتح: الشيطان.

  والفتنة: أصله الاختبار.

  والارتياب: الشك مع تهمة. والمصير: المرجع.

  · الإعراب: {يَوْمَ} نصب على الظرف، والعامل فيه: {وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.

  {يَوْمَ يَقُولُ} عطف على {يَوْمَ تَرَى}.

  {انْظُرُونَا} انْظُرُونَا إليه، و {نَقْتَبِسْ} جزم، لأنه جواب الأمر.

  {لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ} ابتداء و {فِيهِ الرَّحْمَةُ} جوابه.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الإنفاق وما أعد للمؤمنين حث على الإنفاق وذكر الجزاء عليه يوم القيامة، ووصف أحوال القيامة، فقال - سبحانه -: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا» أي: ينفق في سبيل الله إنفاقًا فيجازيه الله تعالى عليه، فيكون كالقرض، وقيل: ما وصل إلى الفقراء بأمره كأنه وصل إليه ووعد الجزاء عليه فأضافه إلى نفسه وسماه قرضًا؛ لأنه يجازي عليه، وقيل: أطلق اسم القرض على الصدقة ليعلم أنه تكفل بالجزاء؛ لأن القرض يقتضي القضاء، فلما لم يقضه الفقير علم أنه تعالى تكفل بالقضاء، وقيل: أزال المنة عن الفقير حيث تضمن الجزاء، وسماه قرضًا كما لا بد منه للمقرض في أخذ القرض، وقيل: ليعلم أنه المتصدق على الفقير دون المعطي كمن يقول لغيره: أعطِ زيدًا حمولتهم، وعليَّ لك مثلها، فالمعطي هو الآمر دون المأمور،