قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم 11 يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم 12 يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14 فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير 15}
  وقوله: «قَرْضًا حَسَنًا» قيل: في وجوه البر، وقيل: من الحلال، وقيل: يفعله لله مخلصًا، وقيل: يفعله لله من غير منَّة ولا أذى «فَيُضَاعِفَهُ لَهُ» قيل: يضاعف له الجزاء بين سبع إلى سبعين إلى سبعمائة، وقيل: يجمع بين القرض والثواب، وقيل: لأن الإنفاق منقطع والجزاء دائم «وَلَهُ أَجْرٌ» جزاء «كَرِيمٌ» خالص، لا تشوبه صفة نقص.
  ثم بَيَّنَ من يستحقه، فقال - سبحانه -: «يَوْمَ تَرَى» يا محمد «الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ» في المحشر «يَسْعَى نُورُهُمْ» قيل: الضياء الذي يمرون فيه، عن قتادة.
  وقيل: نورهم من هداهم، عن الضحاك. وقيل: لكل مؤمن نور على قدر عمله، عن قتادة. واختلفوا، قيل: هذا النور يكون في المحشر، وقيل: على الصراط، وقيل: فيهما، ولا مانع منه «نُوْرُهُمْ بَينَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ» قيل: أراد جميع جوانبهم فعبر عنها بالبعض إيجازًا على طريقة العرب، وقيل: وبأيمانهم: كتبهم، عن الضحاك. وقيل: (بأيمانهم) معناه عن أيمانهم، وقيل: في أيمانهم، «بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ» أي: يجري الماء من تحت أبنيتها وأشجارها «خَالِدِينَ فِيهَا» إشارة إلى دوامهم ودوام النعيم «ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» أي: الظفر بالمطلوب فلا ظفر مثله «يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا» يعني إذا رأى المنافقون نور المؤمنين يقولون لهم «انْظُرُونَا» بصلة الهمزة وضم الظاء معناه انتظرونا، يعني اصبروا لنا، فأما بكسر الظاء وقطع الألف: أمهلونا، قال الفراء: والعرب تقول: أنظرني أي: انتظرني، واستدل ببيت عمرو بن كلثوم وقد مر، «نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ» أي: نستضيء بنوركم، ونبصر الطريق فنتخلص من هذه الظلمات، وقيل: إذا خرجوا من القبور اختلطوا فيسعون في نور المؤمنين، فإذا ميزوا وبقوا في الظلمة