قوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون 16 اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون 17 إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم 18 والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم 19 اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور 20}
  منهم من آمن بعيسبى، وآمن بمحمد لما بعث، ولعل فيهم من لا يبلغه خبر محمد فآمن بعيسى، عن أبي علي.
  ثم دل على البعث الموجب لخشوع القلب، فقال - سبحانه -: «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا» أي: يحييها بالنبات بعد اليبس والجدوبة، وكلاهما تشبيه وتَوَسُّعٌ في الكلام، أي: كذلك يحيي الموتى عند البعث، وقيل: يحيي الكافر بالهدى والإيمان بعد موته بالضلال «قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ» الحجج على إثبات الصانع وصحة الإعادة منه «لَعَلَّكمْ تَعْقِلُونَ» قيل: لتعقلوا أي: لتعلموا ذلك، قيل: لتستعملوا عقولكم «إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقًاتِ» بَيَّنَا اختلاف القراءتين، ومعناهما. «وَأَقْرَضُوا اللَّهَ» أي: أنفقوا في سبيله «قَرْضًا حَسَنًا» قال الحسن: كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع، وقيل: المراد به الفرائض «يُضَاعَفُ لَهُمْ» في الثواب لأنه دائم، والعمل منقطع، وقيل: بالعوض والثواب، وقيل: بزيادة التفضل في كل وقت «وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ» لا يشوبه ما ينغصه وهو الجنة «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ» الكثير والصدق، واحدهم: صدِّيق، وهو اسم مدح وتعظيم، وقيل: الكثير التصديق، وقيل: هم ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام: أبو بكر، وعلي، وزيد، وعثمان، وطلحة، وسعد، وحمزة، وثامنهم عمر، عن الضحاك. وقيل: بل هو عام «وَالشُّهَدَاءُ» قيل: هذا مستأنف، عن ابن عباس، ومسروق. وقيل: بل معطوف على ما تقدم، ثم اختلفوا، فقيل: نزلت في قوم مخصوصين كانوا شهداء، عن الضحاك. وقيل:
  نزلت في المؤمنين المخاطبين وكلهم شهداء، عن ابن مسعود، ومجاهد، وروي مرفوعًا، قال ابن مسعود: كل مؤمن صِدِّيق شهيد، ثم قرأ هذه الآية. وقيل: أراد بالشهداء الأنبياء الخاصة، عن ابن عباس. وقيل: العلماء، وقيل: من يشهد على غيره،