قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير 1 الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور 2 والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير 3 فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم 4 إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين 5}
  وحقيقة الظهار: أن يشبه زوجته أو عضوًا منها يجبر به عن جميع البدن أو جزءًا شائعًا بما لا يحل له النظر إليه من امرأة يحرم نكاحها على التأبيد، وهذه الشرائط بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه، ولا يعرفها أهل اللغة، والاسم شرعي فيه معنى اللغة، والأصل في الظهار هذه الآيات، وقد ورد مجملاً فلا بد من عادة متقدمة عرفوا الظهار بها إذا قرن بها بيان كيفية الظهار.
  وأما الفصل الثاني [ألفاظ الظهار]: إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي، فهذا صريح في الظهار نوى أو لم ينوِ، فإن نوى به الطلاق دين فيما بينه وبين الله تعالى دون القضاء عند أبي يوسف ومحمد والهادي، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يدين؛ لأنه لا يجوز أن يكون كناية عن الطلاق.
  وإذا أضاف الظهار إلى عضو، فإن كان يعبر به عن جميع البدن كالرأس والرقبة والفرج صار مظاهرًا، وإن أضاف إلى اليد والرجل لا يصير، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: يصير مظاهرًا، وهو قول الهادي، وعلى هذا الخلاف في الطلاق والعتق، ولو قال: حرمتك أو أنا منك مظاهر فهو ظهار، فإن قال: أنتِ عليَّ كأمي، ونوى الظهار كان ظهارًا، وإن نوى الكراهة أو لم ينوِ [الظهار] فليس بظهار، وقال محمد: هو ظهار، فإن ظاهر وَوَقَّتَ بوقت جاز، وبتوقيت الظهار قال الشافعي.
  [من يصح ظهاره]
  فأما الفصل الثالث: فكل زوج صح طلاقه، وكان من أهل الكفارة صح ظهاره