التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم 10 وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون 11}

صفحة 6881 - الجزء 9

  والعصمة: سبب به يمنع من المكروه، وجمعه: عِصَمٌ، والاعتصام: التمسك بالشيء، واعتصم به: امتنع به، وكل ما يتمسك به فهو معصم، وأصل الباب: المنع، ومنه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}⁣[المائدة: ٦٧]، {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}⁣[هود: ٤٣] والعصمة: العقدة، يقال: عصمة المرأة بيد الرجل.

  الكوافر: قيل: جمع كافرة كقابلة وقوابل، وزانية وزوانٍ، فعلى هذا كوافر:

  جمع النساء، وقيل: هي على تقدير: فرقة كافرة، وفرق كوافر، ويقع على الرجال والنساء، وقيل: كوافر جمع كافر، وقد يجمع «فاعل» على «فواعل»: إذا كان اسمًا، كفارس وفوارس، وخالد وخوالد، قال جرير:

  أَخَالِدَ قدَ علِقْتُكِ بَعْدَ هِنْدٍ ... فَشَيَّيَنِي الْخَوالِدُ وَالْهُنُودُ

  وقيل: «فواعل» جمع «فاعل» إذا جرى بها مجرى الاسم، وإذا جرى بها مجرى الصفة فهي جمع «فاعلة»، وكافر أجري مجرى الاسم، قال - تعالى -: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ}⁣[التغابن: ٢] ولم يقل: رجل كافر.

  · الإعراب: قيل: {الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} نصب على الحال، أي: في حال الهجرة.

  · النزول: قيل: لما أقبل رسول الله ÷ معتمرًا حتى كان بالحديبية وصده المشركون عن دخول مكة، وآل الأمر إلى المصالحة، واختلفوا كيف وقع الصلح، قال ابن عباس: صالحوه على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله ÷ فهو لهم، ولم يردوه عليه، وكتب بذلك كتابًا، فجاءت سبيعة بنت الحارث