قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم 10 وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون 11}
  · المعنى: لما قطع الموالاة بين المسلمين والكفار حكم بين المهاجرة وَزَوْجِها، فقال سبحانه وتعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ» من دَار الكفر إلى دار الإسلام «فَامْتَحِنُوهُنَّ» أي: اختبروهن، وقيل: كان امتحانها أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، عن ابن عباس بخلاف. وقيل: امتحانها أن تحلف ما خرجت بغضًا لزوجها، ولا اختيار أرض، ولا لرغبة في الدنيا، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام، وحبًّا للدين، ولله ولرسوله، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: تحلف ما جاءتك تخشى أحدًا منًا ولا هربًا من زوجها، عن عكرمة. وقيل: يختبر أحوالهن، فيحكم فيهن بما يغلب على الظن من أحوالهن.
  ومتى قيل: كيف جاز رد المسلم على الكافر مع شدة أذاه له؟
  قلنا: يجوز أن يكون رده مدة القهر مصلحة ومنعه مفسدة، والله أعلم بتفاصيل المصالح.
  وقيل: يجوز أن يكون تشديدًا في التعبد لمن تأخر هجرته وإسلامه.
  ومتى قيل: كيف يمتحن، ولا يعلم باطنه؟
  قلنا: أراد على الظاهر، ولذلك قال: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ» باطنًا.
  «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ» في الظاهر لما يظهر من الشهادتين وإقامة حدود الإسلام، والعمل بموجب الشرع، مع غلبة الظن بأنها صادقة، وقيل: بأن تحلف أنها جاءت رغبة في الإسلام «فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ» أي: لا تردوهن إليهم «لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» لوقوع الفرقة بينهما بمباينة الدِّين والدار، وقيل: فرق بينهما الإسلام وإن لم يطلق المشرك، عن ابن زيد، وجماعة. «وَآتُوهُمْ» أعطوهم «مَا أَنفَقُوا» على الزوجات إذا جاءت مسلمة مهاجرة، و «مَا أَنْفَقُوا» قيل: الصداق، عن