قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم 10 وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون 11}
  ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. قال الزهري: لولا الهدنة لم نرد على المشركين صداقًا كما كان يفعل قبلُ، وقيل: كان يرد مهرهن من الغنيمة قبل القسمة، فكان ذلك من المصالح التي تتعلق بمال بيت المال «وَلاَ جُنَاحَ عَلَيكُمْ» أي: لا حرج أيها المؤمنون «أَنْ تَنكِحُوهُنَّ» يعني تزوجوا النساء المهاجرات، وإن كان لهن أزواج في دار الكفر؛ لأن الإسلام فَرَّقَ بينهما، واختلفوا في وقت التزويج، فقيل: بعد الهجرة، ولا عدة عليهن، عن إبراهيم، وهو قول أبي حنيفة، وقيل: بعد انقضاء عدتهن، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد. «إِذَا آتَيتُمُوهُنَّ» أعطيتموهن «أُجُورَهُنَّ» يعني مهورهن «وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ» أي: بعقد الكوافر، اختلقوا في معناه، وقيل: لا تمسكوا بعقدة النساء الكَوافر، فمن كانت له امرأة كافرة بمكة فقد انقطعت عصمتها عنه وليست له بامرأة، وإن جاءت امرأة مسلمة، ولها بمكة زوج كافر فلا تعتد به فقد انقطعت عصمتها، عن ابن عباس. كأنه بَيَّنْ حال مَنْ هاجر إلينا مِنْ نسائهم وزوجها كافر، ثم بَيَّنَ حال مَنْ هاجر من الرجال، وبقيت المرأة مشركة، فعلى هذا الكوافر يتناول الرجال والنساء، وقيل: معناه: ولا ترغبوا في نكاح النساء الكوافر، وأمِرُوا بطلاق النساء الكوافر، قال الزهري: فطلق عمر امرأتين له بمكة «قريبة، وأم كلثوم»، وطلق طلحة امرأة له بمكة «أروى»، وكذلك جماعة طلّقُوا نساءهم، قال مجاهد: أمر الله تعالى بطلاق نسائهم الكوافر، وقيل: لا تزوجوا الكافرات، والتمسك بالعصم الأخذ بالأيدي، وذلك عبارة عن التزويج، عن أبي علي. وقيل: إذا جاءت مهاجرة، وهي كافرة، أو ارتدت، أو أسلم الزوج، وهي كافرة على حالها ردت على زوجها، وقيل: لا تعتصموا بالنكاح الذي كان في الجاهلية، ولا تأخذوهن بالعدة منهم إذا جاءت مهاجرة، فعلي هذا الكوافر يتناول الرجال، كأنه يقول: انقطع النكاح ولا عدة، وقيل: ينقطع النكاح بالتطليق، وقيل: يفرق بينهما الإسلام، وإن لم يطلق، عن ابن زيد. وقيل: إنه يتصل بما قبله يعني جاز لكم تزويج المهاجرة، وإن كان لها زوج في دار الحرب، لا تمتنعوا عن ذلك، ولا تمسكوا بعقد الرجال الكفار الكوافر؛ لأن