قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم 10 وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون 11}
  «فَآتُوا» أعطوا «الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا» من المهر، عن أبي مسلم، قال: لما لم يكن للمرتدة من يرد المهر بعد القتل كما كان للكافرة والمهاجرة أمر بِرَدِّها من الغنيمة، وقيل: معناه فغنمتم بعد ذلك شيئًا من مال هَؤُلَاءِ الكفار الَّذِينَ ذهبت أزواجكم إليهم فأعطوا الَّذِينَ ذهبت أزواجهم من تلك الغنيمة مثل مهور نسائهم، عن ابن عباس، وهو قول أبي علي. وقيل: من مال الفيء، عن الزهري.
  وقيل: من كلها، وقيل: «فَعَاقَبْتُمْ» أي: خلفتم من بعدهم، وصار الأمر إليكم، قال الزهري: فكان جميع ما لحق بالمشركين من نساء المسلمين ست نسوة: أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري، وفاطمة بنت أبي أمية أخت أم سلمة كانت تحت عمر، وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان، وعبدة بنت عبد العزى زوجها عمرو بن عبد ود، وهند بنت أبي جهل كانت تحت هشام بن العاص، وأم كلثوم امرأة عمر، فأعطاهم رسول الله ÷ مهور نسائهم من الغنيمة. «وَاتَّقُوا اللَّهَ» فلا تجاوزوا أمره «الَّذِي أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ».
  · الأحكام: الآية تشتمل على أحكام ثابتة، وأحكام منسوخة، ودلالات يدل الظاهر عليها.
  فأما الأحكام الثابتة:
  فمنها: قوله: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} تدل الآية أنه لا يحل رد المؤمنات إلى دار الحرب إذا هاجرن وأسلمن.
  ومنها: قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} أنَّه يجب الامتحان؛ لأنها ربما جاءت لمكر وغدر وتجسس لأحوال المسلمين، فيجب البحث عن حالها احتياطًا.