قوله تعالى: {ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم 12 ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور 13}
  في المال والنفس من خلفه، والرمي بالعظائم بين يديه، وقيل: البهتان والافتراء واحد، ومعناه أن تأتي ببهتان عظيم من زنا أو غيره ثم تفتري بذلك على غيرها، فتكون هي الفاعلة لذلك، وترمي به غيرها «وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» أي: لا يعصينك في جميع ما تأمرهن؛ لأنه أمر بمعروف، وقيل: مما شرط، وقيل: مما شرط عليهن ترك النوح، عن ابن عباس. وقيل: أخذ عليهن ألا يظلمن، ولا يشققن جيبًا، ولا يدعون بالويل والثبور كفعل أهل الجاهلية، عن زيد بن أسلم. وقيل: التبرج إلى غير مَحْرَمٍ، والوجه ما ذكرنا أولاً؛ لأن جميع ذلك داخل فيه؛ لأنه من المعروف، وقيل: سئل ما ذلك المعروف فقال: «ألا تسافر المرأة سفرًا فوق ثلاث إلا مع زوج أو محرم، وألا يَنُحْنَ، ولا يخمشن وجوههن، ولا ينتفن شعورهن، ويقررن في بيوتهن»، وعن النبي ÷: «لعن الله النائحة، والمستمعة، والحالقة، والواشمة» فالحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصائب، وجميع ذلك يرجع إلى أربعة أشياء: اعتقاد التوحيد، وحفظ اللسان، واجتناب المعاصي، وطاعة الرسول. «فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ» بشرط قبول هذه الأشياء «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
  «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» قيل: اليهود، وقيل: الكفار أجمع، أي: لا تتخذوا كافرًا وليًا «قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ» قيل: يئسوا من ثواب الآخرة «كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ» من النشأة الثانية، عن ابن عباس. وقيل: يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس منه أصحاب القبور؛ لأنهم أيقنوا بعذاب اللَّه، عن مجاهد. وقيل: قد يئسوا من الآخرة اليهود، كما يئس كفار العرب أن يحيا أهل القبور، عن الحسن. وقيل: هم أعداء المؤمنين من قريش يئسوا من خير الآخرة كما يئس سائر الكفار «مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ» من حظ الآخرة، وقيل: كما يئس الكفار أن ينال الموتى في القبور