التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 9 فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون 10}

صفحة 6926 - الجزء 10

  نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع، عن الحسن، والأول الوجه، وعليه إجماع الفقهاء أن المراد به العمل، والمراد بالذكر قيل: الخطبة، وقيل: الصلاة، «وَذَرُوا الْبَيعَ» أي: دعوا المبايعة، قال الحسن: كل بيع تفوت فيه الصلاة يوم الجمعة فإنه حرام لا يجوز، واختلفوا في تحريم البيع، قيل: عند الأذان. الثاني، وقيل: عند خروج الإمام، عن الزهري، وقيل: إذا زالت الشمس حرم البيع، عن السدي، والضحاك، وابن زيد. «ذَلِكُمْ خَيرٌ لَكُمْ» يعني ما أمرتكم به من حضور الجمعة، واستماع الذكر، وأداء الفريضة خير من المبايعة «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» قيل: إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم ومنافعها ومضارها، وقيل: معناه: اعلموا ذلك، عن أبي علي. «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ» أي: فرغوا من إتمام صلاة الجمعة «فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ» أي: تفرقوا للتصرف والتجارة، هو إباحة، وليس بِأَمْرٍ وإيجاب «وَابْتَغُوا» اطلبوا «مِنْ فَضْلِ اللَّهِ» من نعمه ورزقه، وعن أنس عن النبي ÷ في قوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} الآية، قال: «ليس بطلب دنيا، ولكن عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله»، وقيل: هو طلب العلم، عن الحسن، وسعيد بن جبير، ومكحول، وقيل: {فَانْتَشِرُوا} يعني يوم السبت، عن الصادق. «وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا» بالحمد على نعمه وإحسانه والتعظيم له «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» تظفرون بما تطلبون من ثواب الجنة.

  · الأحكام: الكلام في هذه الآية من وجهين:

  أحدهما: دلالات الآية.

  والثاني: ذكر الجمعة وشرائطها.

  أمَّا الأول فتدل على اختصاص يوم الجمعة بصلاة وذكر.

  وتدل على أن للجمعة نداء وهو أذان، وليس في الكتاب ذكر للأذان إلا هاهنا، وفي قوله: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}⁣[المائدة: ٥٨].