التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 9 فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون 10}

صفحة 6929 - الجزء 10

  واتفقوا أنها لا تجب على النساء والمرضى وأصحاب العلل، وأجمعوا على وجوبه على الفساق.

  واختلفوا في الكفار: عندنا تجب؛ لأنه مخاطب بالشرائع، ومنهم من قال: لا تجب، ولا جمعة عليه، [و] إذا حضرها، وصلاها جاز، وقال زفر: لا تجزيه، وعليه الظهر، إذا صلى من عليه الجمعة الظهر في بيته قبل صلاة الإمام أجزأه، وقال زفر والشافعي: لا تجزئه؛ لأن عندهم الفرض هو الجمعة، فإن توجه إلى الجمعة بطل ظُهْرُهُ بنفس السعي عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: لا تبطل حتى يدخل في التحريمة.

  واختلفوا في وعيد من أَخَّرَ من غير عذر: فمنهم من قال: يلحقه الوعيد، وهو الظاهر، ومنهم من قال: لا نقطع بذلك.

  فَأَمَّا الفصل الثالث الكلام في الخطبة: فهي شرط عند جمهور الفقهاء، وقال الحسن: مستحبة، وليست بواجبة، وعن سعيد بن جبير أنها بمنزلة ركعتين، ثم اختلفوا، فقال أبو حنيفة: الواجب مقدار ما يدخل في الاسم من تسبيح أو تحميد، وقال أبو يوسف ومحمد: الواجب ما يتناوله اسم الخطبة، وقال الشافعي: لا بد من خطبتين بينهما جلسة، وفيها قراءة القرآن، وهو قول الهادي #، ولا خلاف أن هذا هو المستحب.

  واختلفوا في القيام: فقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس بشرط، ويجوز قاعدًا إلا أن السُّنَّةَ أن يخطب قائمًا، وقال الشافعي: القيام شرط لا يجوز تركه من غير عذر، وهو قول الهادي.

  وأما الطهارة: فقال الهادي: هي شرط، إن خطب مُحْدِثًا لا تجزيه، وقال أبو حنيفة: تجزيه، وللشافعي قولان.

  قال الهادي: ويسلم الإمام على الناس قبل أن يتبدئ بالخطبة، وقال أبو حنيفة ومالك: يكره ذلك. إذا دخل المأموم والإمام يخطب فإنه يتطوع بركعتين خفيفتين عند الهادي #، وقال أبو حنيفة: لا يتطوع. وقال أبو حنيفة: يكره الكلام قبل الخطبة