التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين 11}

صفحة 6938 - الجزء 10

  · الإعراب: كسرت (إِنَّ) في قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} لأجل لام الابتداء التي في الخبر؛ لأن لها صدر الكلام، وإنما أخرت عن موضعها إلى موضع الخبر لئلا يجمع بين حرفي التأكيد، وهو (إِنَّ) واللام، وكانت أحق بالتأخير؛ لأنها غير كاملة، ولولا اللام لفتح لأجل العلم.

  واللام في قوله: {لَرَسُولُهُ} لام التأكيد، والعرب تؤكد باللام يقولون: لأعطينك ولأضربنك، ومنه: «لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه اللهُ ورسولُهُ، كرّار غير فرار، يكون الفتح على يده» فأعطاها عليًّا #.

  {هُمُ الْعَدُوُّ} قيل: تم الكلام عند قوله: {عَلَيْهِمْ}، ثم قوله: {هُمُ الْعَدُوُّ} ابتداء وخبر، وقيل: بل يتصل بما قبله، أي: يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو.

  · النزول: السورة نزلت في قصة عبد الله بن أُبيٍّ وأصحابه من المنافقين، كانوا يحلفون عند رسول الله ÷ بأن محمدًا رسول الله ÷، وأن في قلوبنا مثل ما نقول بألستنا، وكذبوا.

  وقيل: كانوا إذا خلوا بضعفة المسلمين طعنوا في الإسلام، فإذا بلغ النبي ÷ ذلك جاءوا معتذِرِينَ يحلفون كاذبين، عن الأصم.

  وقيل: قال عبد الله بن أُبيٍّ: لا تنفقوا على من عند رسول اللَّه، وإذا رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فَنَاظَرَهُ زيد بن أرقم، فلما أخبروا النبي ÷ جحد وحلف، ففيه وفي زيد بن أرقم نزلت السورة، وقيل له: اذهب يستغفر لك رسول الله ÷ فلوى رأسه تكبرًا وتعظمًا، وستأتي تلك القصة من بعد.

  · المعنى: «إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ» يا محمد «لَرَسُولُهُ» وكفى به شهيدًا «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ» فيما أظهرَوا من قولهم: نشهد إنك لرسول الله؛ لأنهم ما قالوا ذلك عن عِلْمٍ واعتقاد، وقيل: شهد عن جهل