التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين 6 هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون 7 يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون 8}

صفحة 6941 - الجزء 10

  · الأحكام: يدل قوله: {قَالُوا نَشْهَدُ ...} الآية، أن القوم أظهروا أنهم يصدقونه عن اعتقاد ومعرفة، ولم يكونوا كذلك، فلذلك سماهم كاذبين؛ لأن ظاهر قولهم كذب؛ بل للوجه الذي ذكرنا كأنهم قالوا: نعتقد أنك رسول الله، ولم يكونوا كذلك.

  وتدل أنهم حلفوا كاذبين.

  واختلف العلماء، فمنهم من قال نفس قولهم: {نَشْهَدُ} يمين، وهو قول الأصم وفقهاء العراق، ومنهم من قال: الحلف غيره، وكانوا يحلفون، وقوله: (أشهد) لا يكون يمينًا، وهو قول الشافعي واختيار أبي علي.

  وتدل على جبن المنافقين مع قوة أجسامهم، وكذا يكون كل ملحد وكافر ومبتدع.

  وتدل على أن التكبر عن الحق من الكبائر.

قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٦ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨}

  · اللغة: الاستغفار: طلب المغفرة، وإنما جاز من النبي ÷ الاستغفار لهم على ظاهر حالهم، فبين الله تعالى أن ذلك لا ينفع لإضمارهم الكفر.

  والانفضاض: التفرق عن تلازم، ومنه: نفض الكتاب، فرقه بالنشر، ومنه: الفضة؛ لأن من شأنها التفرقة في أثمان الأشياء.

  والأعز: نقيض الأذل، والأعز: الأقدر على منع غيره، وأصله من العزيز.