قوله تعالى: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين 6 هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون 7 يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون 8}
  الْأَذَلَّ» وهو يعني بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله ÷، فأكذبه الله تعالى، وقال: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ» لأنه القادر على ما يشاء، القاهر لكل مخلوق، لا يمتنع عليه شيء «وَلِرَسُولِهِ» بإظهاره وإعلاء كلمته ودينه على الأديان، وللمؤمنين بنصرته لهم في الدنيا، وإدخاله إياهم الجنة، وقيل: عزة الله بالربوبية، وعزة الرسول بالنبوة، وعز المؤمنين بالعبودية، أخبر الله تعالى بذلك، ثم حقق ذلك، فأعز رسوله والمؤمنين، وفتح عليهم مشارق الأرض ومغاربها «وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ» أن له ملك السماوات والأرض.
  ومتى قيل: أليس قال في موضع: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}[فاطر: ١٠]؟
  قلنا: عز الرسول والمؤمنين من جهته فلله العزة جميعًا.
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: أن الكفار والمنافقين لا تلحقهم مغفرة، ولا استغفار.
  ومنها: أن المنع من الإنفاق في سبيل الله كبيرة، مذموم.
  ومنها: أن الرزق يحصل من جهته، فَمَنْعُ غيره لا يضر إلا أنه يأمر عباده بأن ينفق بعضهم على بعض، فإن لم يفعلوا أتاهم الرزق من وجه آخر.
  ومنها: أن العزة تحصل به وبطاعته.
  ومنها: أن المعارف مكتسبة؛ لأنه وصفهم بأنهم لا يعلمون.
  ومنها: أن ذلك قول المنافقين، بخلاف قول الْمُجْبِرَةِ.