قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون 9 وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين 10 ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون 11}
  وقيل: نزلت في المؤمنين، وأراد (بالصالحين) أي: بالأعمال الصالحة، عن ابن عباس وجماعة.
  · المعنى: ثم أمر تعالى بالإنفاق بعدما حكى عن المنافقين النهي عنه، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ» لا تشغلكم «أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ» قيل: أراد بذكر الله جميع طاعاته، وهو قول أبي مسلم وهو الوجه، وقيل: أراد الصلوات الخمس، عن أبي علي، وقيل: ذكر الله على كل حال، وقيل: ذكر الله وهو شكره على نعمائه والصبر على بلائه، والرضا بقضائه، أشار إلى أنه لا ينبغي أن يغفل في حال عن ذكر الله بؤسًا كان أو نعمة، فإن إحسانه في [جميع] الحالات لا ينقطع «وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ» أي يلهو عن ذكره يأسًا بأسباب الدنيا «فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» خسروا ثواب اللَّه ورحمته «وَأَنْفِقُوا» قيل: في الجهاد، وقيل: في سبيل البر، ويدخل فيه الزكوات وسائر الحقوق الواجبة «مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ» أعطيناكم «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» أي: أسباب الموت «فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي» أمهلتني «إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ». إلى مدة قريبة، قيل: (لا) صلة والكلام على وجه التمني، وتقديره: لو أخرتني، وقيل: (لولا) بمعنى (هلا)، وتكون استفهامًا، وطلبه ليمهله في الدنيا، وذلك إذا عاين علامات الآخرة سأل الرجعة ليتدارك الغائب، وقيل: ليس في الزجر عن التفريط في حقوق الله آية أعظم من هذه «أَصَّدَّقَ» أي: أتصدق «وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ» قيل: من المؤمنين المخلصين، والآية في المنافقين، عن مقاتل، وقيل: من المطيعين للّه، والآية في المؤمنين، عن ابن عباس، وقيل: الصلاح هنا الحج، عن ابن عباس، وقال: ما من أحد يموت وكان له مال فلم يؤد زكاته، وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت، فقالوا: يا ابن عباس، اتق الله فإنما الكافر يسأل الرجعة! فقال: أنا أقرأ عليكم به قرآنا، ثم قرأ هذه الآية، وروي عن الضحاك: «لا ينزل بأحد الموت