قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم 11 وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين 12 الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون 13 ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم 14 إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم 15 فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون 16 إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم 17 عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم 18}
  وقيل: الشح أن يَبْخَلَ نَفْسُهُ، وإذا جاد غيره يشق عليه، والبخل: أن يبخل هو، وقيل: من الشح أن يعمد إلى مال غيره فيأكله، عن ابن مسعود، وفي الشرع: أن البخل والشح منع الواجب، وقيل: أراد بالشح ترك المواساة في طاعة الله والجهاد في سبيل الله إلا أن حقيقة الشح في المال «فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلحُونَ» الفائزون الظافرون بالبغية والمراد. «إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا» وقد بَيَّنَّا أن هذا تَوَسُّعٌ من حيث جعل الصدقة بأمر الله وضمانه الجزاء عليها قرضًا، والحسن أن يعطيها مخلصًا لله تعالى، وقيل: إطلاق اسم القرض تلطف في الاستدعاء إلى الإنفاق «يُضَاعِفْهُ لَكُمْ» أي: يُعطي لكم بدله أضعاف ذلك من واحد إلى سبعمائة إلى ما لا يتناهى؛ لأن الصدقة منقطعة وثوابها يدوم، وقيل: ليس حبة تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة. «وَيَغْفِرْ لَكُمْ» ذنوبكم «وَاللَّهُ شَكُورٌ» أي: مثيب يجازي، وصفته بالشكور تَوَسُّعٌ، وقيل: شكور يقبل القليل ويثيب عليه بالكثير، «حَلِيمٌ» لا يعاجل بالعقوبة، وهذا غاية الكرم والإحسان «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ» يعني السر والعلانية، وقيل: ما يدخل في الحواس وما لا يدخل، وقيل: المعدوم والموجود «الْعَزِيزُ» القادر «الْحَكِيمُ» العالم، وقيل:
  المحكم لأفعاله.
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: قوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ} فإنها تدل على وجوب الصبر، وتوطين النفس على ما ينزل به من جهته تعالى، والرضا بذلك، وترك الجزع، وهذا إنما يتم على مذهب أهل العدل، حيث اعتقدوا أنه تعالى حكيم لا يفعل إلا المصلحة، فيعلمون أنما نزل بهم فيه صلاحهم، ثم يعوضه على ذلك أضعافًا مضاعفة، فعند ذلك يرضى ويصبر، فأما الْمُجْبِرَة إذا اعتقدت أنه يحتمل أن يكون مفسدة له، ومع ذلك لا عوض فهذا محل الجزع.