قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب 214}
  وقيل: نزلت في حرب أُحُد لما قال عبد اللَّه بن أبي لأصحاب النبي ÷: إلى متى تقتلون أنفسكم وتمنون الباطل؟، لو كان محمد نبيًا لما سلط عليه الأسر والقتل.
  فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
  وقيل: لما هاجر النبي ÷ وأصحابه وتركوا أموالهم وديارهم، ومسهم الضر، وأظهر اليهود العداوة لرسول اللَّه ÷ والمؤمنين أنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن عطاء.
  · المعنى: ثم ذكر تعالى ما فيه تسلية للنبي ÷ وأصحابه فيما نالهم من الكفار بما جرى من قتل على المؤمنين؛ لأن سماع أخبار الصالحين تُرَغِّبُ في مثل حالهم فقال تعالى: «أَمْ حَسِبْتُمْ» قيل: معناه أحسبتم، عن الفراء، وقيل: بل حسبتم، عن الزجاج. ومعنى «حَسِبْتُمْ»: ظننتم أيها المؤمنون «أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ» قيل: تمنون الجنة بأن تصدقوا الرسول دون أن تكونوا دعاة لله عابدين له، عن الأصم. وقيل: يعني بغير استحقاق وتحمل المشاق، كلا بل يحصل بتحمل المشاق في اللَّه تعالى كما فعل من تقدمكم من المؤمنين «وَلَمَّا يَأْتِكُمْ» قيل: ولم يأتكم، و (ما): صلة كقوله: {وآخَرينَ مِنهُم لَمَّا يَلحَقُوا بِهِم} «مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ» أي صفة مَنْ مضى مِنْ قبلكم، وقيل: شبههم، وقيل: لما يأتكم من البلايا ما أتاهم، وقيل: قال لهم: لم تُمتحنوا بمثل ما امتحنوا به فاصبروا كما صبر أولئك، دعاء لهم إلى الصبر حتى يأتيهم النصر «خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ» مضوا من قبلكم من النبيين والمؤمنين، ثم ذكر تعالى ما أصاب أولئك فقال تعالى: «مَسَّتْهُمُ» أصابتهم «الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ» وقيل: البأساء الفقر والشدة، والضراء: المرض والزمانة. وقيل: هو ما تعلق بمضار الدين من حرب وخروج من الأهل والمال وإخراج، فمدحوا بما عملوا من ذلك متوقعين الفرج من غير جزع ولا اعتقاد أن تلك التخلية ليست بصلاح لهم «وَزُلْزِلُوا» حُرِّكُوا بأنواع البلايا، وقيل: أزعجوا بالخوف من العدو، وذلك لفرط الحيرة «حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ