التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا 11 الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما 12}

صفحة 6981 - الجزء 10

  ومتى قيل: هل في الأرض والسماوات أحد من الخلائق؟

  قلنا: لا خلاف أن السماوات سبع، وفي كل سماء ملائكة، واختلفوا في الأرض، فقيل: ليس فيها أحد، وقيل: فيها خلق، قال قتادة: في كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه، وأمر من أوامره، وقضاء من قضائه. وقال أبو علي: ليس بين الأرضين خلل وفتوق، وإنما كانت سبعًا؛ لأنها من سبعة أجناس، جعل من كل جنس أرضًا، قال أبو علي: ليس في القرآن آية تدل على أن الأرض سبعة غير هذه.

  «لِتَعْلَمُوا» بالتدبير في هذا «أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» أي: علم كل شيء، وإنما قال ذلك؛ لأن مَنْ تفكر في السماوات والأرضين، وما فيهما، وما بينهما علم أنه قادر لذاته عالم لذاته، فمجرد حدوثه يدل على كونه قادرًا، ونظامه يدل على كونه عالمًا.

  · الأحكام: يدل قوله: «يتلو ...» الآية، أن القرآن مما يصح أن يُعْلَمَ المراد به إما بظاهره، وإما بقرينة، خلاف ما تقوله الرافضة والحشوية، ولو لم يصح معرفة المراد بظاهره، والنبي والإمام إنما يبين بالخطاب، فكيف يعرف بكلامه.

  ومتى قيل: كيف يعرف المراد مع احتماله؟

  قلنا: القرآن يشتمل على آيات محكمة، يعرف المراد بظاهرها، لا يحتمل إلا معنى واحدًا، فهذا لا إشكال فيه.

  ومنها: آيات تحتمل معاني حقيقة، أو حقيقة ومجازًا، ولا مانع من حمله عليها، فيحمل عليها.

  ومنها: أن متشابهه يُرَدُّ الى المُحْكَمِ ويرتب عليها وعلى أدلة العقول.

  ومنها: آيات مجملة لا بد من بيان، فإذا بَيَّنَهُ الله تعالى في مواضع أخر، وبَيَّنه الرسول، كفى.

  وتدل الآيات على أن السماء سبع، والأرض سبع، وذكر شيخنا أبو علي أن