قوله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير 1 الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور 2 الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور 3 ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير 4 ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير 5}
  · المعنى: «تَبَارَكَ» قيل: تعالى وَجَّلَ عما لا يجوز عليه في ذاته وأفعاله، عن أبي مسلم، وقيل: البقاء له لم يزل، ولا يزال، عن أبي علي، وقيل: ذكره بركة على عباده في دينهم ودنياهم «الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» يعني الذي هو المالك، وله الملك يؤتيه من يشاء، ويتصرف كما يشاء، وذكر اليد تأكيدًا، قيل: لأن أكثر التصرفات والعطايا باليد «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» قيل: هذا عام والمراد به الخصوص، يعني أنه قادر على ما يصح كونه مقدورًا له؛ لأن كثيرًا من الأشياء لا توصف بالقدرة عليه لذاته، وقيل: إنه عام في كل مقدور، أما المعدومات فيوجدها، والموجودات فيفنيها ويعيدها، ومقدور غيره يقدر عليه ويعجز عنه، وهو عام، وإن اختلفت المعاني، فأما {بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ} فعام؛ لأنه لا شيء إلا ويجب أن يعلمه «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ» قيل: خلق الموت في الحي فأماته، والحياة في الجماد فأحياه، وقيل: خلق الموت للتعبد بالصبر، وخلق الحياة للتعبد بالشكر، وقيل: خلق الأموات للاعتبار، والحياة للتزود، وقيل: خلق الموت في الدنيا فهو الخلقة، والحياة عند البعث للجزاء على الأعمال، وقيل: خلق الموت في الآباء ليبيدوا، والحياة في الأبناء ومن خلفهم «لِيَبْلُوَكُمْ» أي: يعاملكم معاملة المختبر، وإلا فهو عالم بأحوالهم، وقيل: ليختبر عباده ما بين الحياة إلى الموت بالشكر على النعم، والصبر على البلايا، والرضا بالقضاء، وفعل الطاعة، والامتناع عن المعصية «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» أي: من كان أحسن عملاً كان جزاؤه أحسن، وقيل: «لِيَبْلُوَكُمْ» أي: كلفكم ليظهر المعلوم، فيكون الجزاء على فعله لا على المعلوم منه، وقيل: أيكم أكثر ذكرًا للموت، وأشد استعدادًا له، وإنما قدم الموت؛ لأن الأشياء في الأصل كانت جمادا مواتًا، ثم خلق فيه الحياة، وقيل: لأنه أقرب إلى القهر، وقيل: المراد بالحياة البعث، فقدم الموت لأنه متقدم عليه، وسئل أبو قتادة ¥ عن قوله: «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» قال: أتمكم عقلاً، وأشدكم لله خوفًا، وأحسنكم فيما أمر الله به ونهاه عنه نظرًا، وإن كان أقلكم تطوعًا،