قوله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير 1 الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور 2 الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور 3 ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير 4 ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير 5}
  وعن الحسن: أيكم أزهد في الدنيا زهدًا وأترك لها تركًا «وَهُوَ الْعَزِيزُ» أي: القادر على كل شيء وعلى من عصاه، ومع ذلك غفور لمن وجع إليه فأطاعه.
  «الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا» قيل: بعضها فوق بعض، وقيل: أراد المطابقة والمشابهة، أي: بعضها يشبه بعضًا في الإتقان والإحكام، والحسن والتزين «مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ» قيل: أراد جميع المخلوقات لا تفاوت فيها من طريق الحكمة، ولا تناقض، بل كلها في الحكمة سواء، وإن كانت متفاوتة في الصور والهيئات، وقيل: أراد خلق السماوات لا ترى فيها اعوجاجًا، بل هي مستقيمة مستوية مع عظمها «فَارْجِعِ الْبَصَرَ» أي: استقْصي في النظر مرة بعد مرة، تقديره: انظر ثم ارجِعِ النظر؛ أي: رد النظر وانظر «هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ» قيل: من وَهْيٍ، عن ابن عباس، وقيل: من خلل، عن قتادة، وقيل: من شقوق، عن سفيان، وقيل: اختلاف، عن الضحاك، وقيل: من صدوع، عن أبي عبيدة. «ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ» أي: رد البصر «كَرَّتَينِ» أي: كرر النظر كرتين مرتين، قيل: معناه: أدم النظر «يَنقَلِبْ إِلَيكَ الْبَصَرُ» أي: ينصرف ويرجع إليك البصر «خَاسِئًا» قيل: ذليلاً، عن ابن عباس، قيل: كأنه ذل كذلة من طلب شيئًا فلم يجده وأُبعِدَ عنه، وقيل: خاشعًا، وقيل: بعيدًا عن مطلوبه، وعما يريده، عن أبي مسلم. «وَهُوَ حَسِيرٌ» أي: مُعْيًا كليل منقطعٌ، عن قتادة، وتلخيص المعنى: أن نظر هذا الناظر يرجع إليه بعد الإعياء بعيدًا من بغيته، خائبًا من طلبته «وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ» قيل: الكواكب، قال قتادة: خلق الله تعالى النجوم لثلاث خصال: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها. «وَجَعَلْنَاهَا» أي: النجوم «رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ» أي: مَرَامِيَ يرمى بها الشياطين، وكانت الجن تسترق السمع ممن في السماء، فلما جاء الإسلام منعوا من ذلك «وَأَعْتَدْنَا» هيأنا «لَهُمْ» في الآخرة «عَذَابَ السَّعِيرِ» وهو النار المستعرة مع ما لهم في الدنيا من الرجم.
  · الأحكام: قوله: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} أن اليد تُذْكَرُ، ولا يراد بها الجارحة.
  وتدل على أن في القرآن مجازًا وتوسعًا.