التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير 12 وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور 13 ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير 14 هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور 15 أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور 16 أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير 17}

صفحة 7010 - الجزء 10

  عن ابن عباس، وقيل: طرقها وفجاجها، عن مجاهد، وقيل: نواحيها وجوانبها، عن الفراء، والأصم، وقيل: في أكنافها، عن الضحاك، وقيل: في سبلها حيث أردتم، عن الحسن. «وَكلُوا مِنْ رِزْقِهِ» يحتمل الإيجاب والإباحة، والرزق هي النعم التي أعطاها اللَّه تعالى عباده، أي: كلوا من رزقه واستدلوا به على الرازق؛ لتعلموا أنه يقدر على إحيائكم وإعادتكم بعد الموت «وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» إلى حكمه والموضع الذي يحكم هو بعد الموت والبعث، وقيل: إليه الإحياء للمحاسبة، وقيل: هو مالك النشور القادر عليه، عن أبي علي. «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» قيل: أَأَمِنْتُمْ عذاب من في السماء، عن جماعة، ثم اختلفوا فقيل: كانت العرب تزعم أن الإله في السماء فقال: «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» على زعمكم، وقيل: «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» عذابه، عن أبي علي، وقيل: «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» سلطانه وتدبيره، فإن تدابيره تكون في السماء، ثم تنزل إلى الأرض، وقيل: «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» يعني: الملائكة الموكلين بعذاب العصاة، مع عظم حالهم عند نزولهم بالعذاب، وقيل: (في) بمعنى (على)، كما يقال: فلان على العراق أي: مالكها وواليها، كأنه قيل: أمنتم من على السماء، أي: ملكها وخلقها، وأنعم عليكم بذلك «أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ» الخسف: ابتلاع الأرض لهم حتى يغيبوا فيها بمعنى: أَأَمِنْتُمْ أن يغيبكم في الأرض إن عصيتموه «فَإِذَا هِيَ» أي الأرض «تَمُورُ» قيل: تتحرك بأهلها، عن الحسن، وقيل: تردد بهم وهم في قعرها، عن الضحاك، وقيل: تهوي بهم، عن ابن كيسان، وقيل: تجري إلى الموضع الذي حكم الله بالقرار فيه «أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا» قيل: ريح ذات حَجَرٍ، وقيل: مطر فيه حجارة، عن أبي مسلم، وقيل: سحاب فيه حجارة، عن أبي علي، وترسل الحاصب الملائكة كما فعل بقوم لوط، وقد علم أن المراد بمن في السماء الملائكة «فَستعْلمُونَ» حينئذ «كَيفَ نَذِيرِ» أي: كيف إنذاري بالعذاب، والإنذار: التخويف.