التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 25 قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين 26 فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون 27 قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم 28 قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين 29 قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين 30}

صفحة 7018 - الجزء 10

  بعضهم لبعض تندمًا وتحسرًا، ويحتمل أنه تعالى يقول ذلك لهم زيادة في عقابهم «هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ» تطلبونه وتسألونه، قيل: تَدْعُون الله أن يعجله لكم، عن ابن زيد. وهو قوله: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}⁣[الأنفال: ٣٢]، وقيل: تدعون أن لا جنة ولا نار، عن الحسن. وقيل: هذا الذي تدعون لقولكم متى هذا الوعد، وقيل: «تَدَّعُونَ» بالتشديد: تدفعون «قُلْ» لهَؤُلَاءِ الكفار «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» قيل: إن أماتنا أو أبقانا وأَخَّر في آجالنا فمن يجيركم من العذاب فإنه واقع بكم لا محالة، عن ابن جرير، وقيل: أرأيتم إن عذبني الله ومن معي أو رحمنا فغفر لنا، فمن يجيركم؟! يعني: نحن مع إيماننا خائفون؛ لأنه قادر على ما يشاء فما يمنعكم عذابه إذا نزل بكم؟! عن ابن عباس، وابن كيسان، وقيل: أرأيتم إن أهلكني اللَّه ومن معي أو رحمنا بتأخير آجالنا ما الذي ينفعكم من ذلك من دفع العقاب الذي استحققتموه من الله؟! فلا تَعَلَّلُوا بما لا يغني عنكم شيئًا، عن أبي علي، وأبي مسلم، وتلخيصه: لا مجير للكافر، سواء أهلكنا أو رحمنا، وإنما النجاة بالإيمان «قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» يعني نحن آمنا، وأنتم لا تنظرون إلى قولنا، فستعلمون إذا جمعتنا القيامة مَن الضال ومن المهتدي، وقيل: ربنا الرحمن آمنا به فستعلمون عن قريب من الضال، ومعنى «مبين» ظاهر «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا» أي: غائرا ذاهبًا في الأرض، أكثر المفسرين على أن المراد به العموم، وأنه يريهم رحمته وقدرته، ويقول: إن غار ماؤكم فمن يأتيكم به؟ وذكر الكلبي ومقاتل أنه أراد بئر زمزم، وبئر ميمون بئر عادية قديمة، والصحيح هو الأول «فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ» قيل: ظاهر للعيون، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: ماء جارٍ، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وقيل: عَذْب وهي لغة قريش، عن المؤرج، وأراد أنه المنعم بالأرزاق فاشكروه واعبدوه.