قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون 1 ما أنت بنعمة ربك بمجنون 2 وإن لك لأجرا غير ممنون 3 وإنك لعلى خلق عظيم 4 فستبصر ويبصرون 5 بأيكم المفتون 6 إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين 7 فلا تطع المكذبين 8 ودوا لو تدهن فيدهنون 9 ولا تطع كل حلاف مهين 10}
  · النزول: قيل: نزل قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} الآية، في مشركي قريش حين دعوا إلى دين الآباء، عن جماعة.
  وقيل: نزل قوله: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} في الوليد بن المغيرة. وقيل: في الأسود بن عبد يغوث. وقيل: في الأخنس بن شريق.
  · المعنى: {ن} قيل: هو الحوت الذي عليه الأرضون، عن ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، وعطاء، والسدي، والكلبي، والواقدي، وقيل: هو حرف من حروف الرحمن، عن ابن عباس بخلاف، وقيل: النون: الدواةُ، عن الحسن، وقتادة، والضحاك، وابن عباس بخلاف، وهو قول الأصم. وقيل: (ن) لوح من نور، عن معاوية بن قرة رفعه إلى النبي، ÷، وقيل: هو قسم أقسم الله به، عن ابن زيد، وقيل: فاتحة السورة، عن ابن كيسان، وقيل: افتتاح أسمائه: ناصر ونصير ونور، عن عطاء، وقيل: نهر في الجنة، عن الصادق، وقيل: اسم للسورة، عن أبي علي، وقيل: إشارة إلى أن القرآن مركب من هذه الحروف، ويتعذر عليكم مثلها لتعلموا أنه معجز، عن أبي مسلم، وقيل: إشارة إلى أنه مركب منها ليعلم أنه محدث، عن أبي بكر الزبيري، وقيل: قالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}[فصلت: ٢٦] فافتتح السورة بهذه الحروف ليستمعوا، فيأتي ما بعده إلزامًا وتأكيدًا للحجة، عن أبي علي قطرب، وقيل: المراد به الحوت في البحر، وهو من آيات الله تعالى؛ إذ خلقه في الماء، فإذا فارق الماء مات؛ كما أن حيوان البر إذا خالط الماء مات، ليعلم اقتداره سبحانه. «وَالْقَلَمِ» الواو واو القسم، قيل: أقسم بالقلم تنبيهًا على عظم شأنه؛ لأنه أحد لسانَي الإنسان، يؤدي عنه ما في ضميره، ويبلغ البعيد ما يبلغه القريب بلسانه، وبه يحفظ الكتب، وبه يستقيم أمر الدين والدنيا، وقيل: البيان اثنان: بيان اللسان، وبيان البَنَان، ثم بيان البنان يبقى على مرور الأيام، وبيان اللسان يندرس على مرور الأعوام، وقيل: أول ما خلق الله تعالى القلم يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة، وقيل: هو قلم من نور، طوله ما بين السماء