قوله تعالى: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين 17 ولا يستثنون 18 فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون 19 فأصبحت كالصريم 20 فتنادوا مصبحين 21 أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين 22 فانطلقوا وهم يتخافتون 23 أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين 24 وغدوا على حرد قادرين 25 فلما رأوها قالوا إنا لضالون 26 بل نحن محرومون 27 قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون 28 قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين 29 فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون 30 قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين 31 عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون 32}
  والطغيان: الغلو في الظلم، وأصله: مجاوزة الحد، ومنه: الطاغي، ومنه: {طَغَى الْمَاءُ}[الحاقة: ١١].
  والويل: غلظ المكروه الشاق على النفس، وإنما دخل النداء في الويل لبيان عن حال الشدة، كأنه يقول: يا ويلٌ هَلُمَّ، فإنه أوانك.
  · الإعراب: «إنا» فيه نونان، أدغمت إحداهما في الأخرى.
  «بَلَوْنَاهُمْ» (هم) محله نصبا؛ لأنه مفعول.
  «لَيَصْرِمُنَّهَا» ضم الميم دليل الجمع.
  «مُصْبِحِينَ» نصب على الحال. «صَارِمِينَ» خبر (كان.)، واسمه في «كنتم».
  · المعنى: ثم ضرب مثلًا بحال مَنْ قَبْلَهُم تحذيرًا عن مثله، فقال سبحانه: «إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ» أي: تعبدناهم، وأمرناهم بالشكر على نعمنا عليهم، ونهيناهم عن الكفر، فوضع الابتلاء موضع الأمر والنهي، وقيل: عنى به أهل مكة، أي: بلوناهم بالحرب، وروي عن النبي ÷ [أنه] دعا عليهم فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مُضَرَ، اللهم اجعلها سنينَ كَسِنِي يوسف» فقحطوا، وقيل: جميع الكفار بلوناهم بالتعبد «كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ» أي: أصحاب البستان، والجنة: البستان الذي فيه الشجر، وأصله من السَّتْرِ، قيل: كان باليمن على فرسخين من صنعاء، وكان غَرَسَهُ أهل الصلاة، وكان مالك البستان يصرف حقوق الفقراء إليهم وقت الصرام فمات، فورثه ثلاثة بنين، قالوا: المال قليل، والعيال كثير، فلا نستطيع أن ندفع إلى الفقراء شيئا، فتواعدوا بينهم يومًا للصرام، يغدون قبل خروج الناس ليصرموا نخلهم، ولم يستثنوا، فلما أتوها رأوها مسودة، عن ابن عباس، وقيل: كانت الجنة لشيخ يطعم منها المساكين، فلما مات قال بنوه: {لَا