قوله تعالى: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين 17 ولا يستثنون 18 فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون 19 فأصبحت كالصريم 20 فتنادوا مصبحين 21 أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين 22 فانطلقوا وهم يتخافتون 23 أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين 24 وغدوا على حرد قادرين 25 فلما رأوها قالوا إنا لضالون 26 بل نحن محرومون 27 قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون 28 قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين 29 فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون 30 قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين 31 عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون 32}
  يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} شُحًّا على الثمرة أن يَطْعَمَهَا المحاويجُ، عن قتادة. «إِذْ أَقْسَمُوا» أي: تحالفوا بينهم «لَيَصْرِمُنَّهَا» أي: يقطعون ثمرها «مُصْبِحِينَ» أي: في وقت الصباح، قبل علم الناس، وقيل: منعوا الحقوق الواجية فيها «وَلاَ يَسْتَثْنُونَ» قيل: قطعوا أنهم يصرمون، ولم يقولوا: إن شاء الله، وقيل: لم يستثنوا نصيب الفقراء من جملة أنصبائهم «فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ» أي: طرق عليها أمر، وعذاب من الله ليلاً، والقوم نيام، قيل: أصابها نار وقعت من السماء فاحترقت وهم نيام، فاسودت أشجارُهَا «فَأَصْبَحَتْ» الجنة «كَالصَّرِيمِ» أي: كالليل الأسود، عن ابن عباس، وأبي عمرو بن العلاء، وقيل: الصريم المصروم جميع ثماره، وهو المقطوع، أي: صار كأن جميع ثمارها قطعت، عن أبي علي، وقيل: صرم عنها الخير فليس فيها شيء، عن الحسن، وقيل: كالرملة انصرمت من [معظم] الرمل، عن المؤرج، وقيل: كالرماد الأسود «فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ» أي: نادى بعضهم بعضًا وقت الصباح يحث على الخروج «أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ» أي: قاطعين حرثكم، والحرث اسم للزرع، والجنة اسم للشجر، فكانت الجنة مشتملة عليهما جميعًا، وقوله: «إِنْ كُنْتُمْ» ليس بشرط، وإنما هو حث واستعجال كما يقال: إن أردت خلاص أبيك فأدركه، «فَانْطَلَقُوا» فمضوا إليها «وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ» يتسارون، يكلم بعضهم بعضًا خفية كي لا يسمع المساكين فيخرجون معهم «أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ» فقير، وهذا هو الذي كانوا يتخافتون به «وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ» قيل: على جد وجهد من أمرهم، عن أبي العالية، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وقيل: على جهد من الفاقة، عن الحسن، وقيل: على حَنَقٍ، عن سفيان، أي: غضب، وقيل: على جد في المنع، عن أبي عبيدة، و القتبي، من قولهم: حَارَدَتِ السنة: إذا منعت قطرها، وحَارَدَتِ الإبل: منعت ألبانها، وقيل: على أمر مجمع بينهم، عن مجاهد، وعكرمة، والقرظي، والنخعي، وقيل: على قوة وقدرة «قَادِرِينَ» عند أنفسهم، عن ابن عباس، وقيل: على قصد، أي: خرجوا قاصدين مجدين فيما عزموا عليه، يقال: حَرَدَ حَرْدَهُ، أي: قصد قصده، وقيل: الحرد: اسم الجنة، عن السدي، وليس بالوجه. «قَادِرِينَ» قيل: قادرين عند أنفسهم على منعهم، وقيل: قادرين على