قوله تعالى: {كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 33 إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم 34 أفنجعل المسلمين كالمجرمين 35 ما لكم كيف تحكمون 36 أم لكم كتاب فيه تدرسون 37 إن لكم فيه لما تخيرون 38 أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون 39 سلهم أيهم بذلك زعيم 40 أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين 41 يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون 42 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون 43}
  لَمَا تَحْكُمُونَ» في ذلك العهد، أي: نعطيكم ما تحكمون في الثواب أو التسوية بين المطيع والعاصي، فيكون لكم حكمكم «سَلْهُمْ» يا محمد «أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ» يعني ما ذكرت «زَعِيمٌ» قيل: كفيل، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: قائم بالحجة، عن ابن كيسان. أي: من يقوم بهذه الحجة، والزعيم: القائم، ويأتمر مَنْ دونه به، وقيل: من يكفل لكم أنه لا يعاقب العاصي، ولا يسلب نعمه، وقيل: إن الرؤساء قالوا للأتباع والعوام: نحن كفلاء لكم، وما تفعلونه في أعناقنا، وذلك إما لاعتقاد جهل أو إيهام على ما بَيَّنَّا، وكذا عادة علماء السوء، يدعون إلى الباطل بمثل هذا.
  ومتي قيل: هذه الزعامة ماذا تناولت؟
  قلنا: ثلاثة أشياء:
  أولها: التسوية بين المحسن والمسيء.
  وثانيها: دعوى العهد والإيمان.
  وثالثها: دعوى النصر والكتاب.
  «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ» قيل: أرباب تفعل هذا، وقيل: شهداء يشهدون لهم بالصدق فتقوم به الحجة كما للمسلمين، وقيل: الشركاء الأوثان التي ادعوا أنها تنفع وتضر، وقيل: هو ما شاركهم في الكفر يشهدون لهم أنهم على الحق «فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ» يوم القيامة «إِن كَانُوا صَادِقِينَ» فيما يدعونه، فأبطل تعالى جميع الوجوه التي يُحْتَجُّ بها في التسوية بين المسلم والمجرم «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ» أي: فليأتوا بشركائهم يوم القيامة، «يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ» معناه: عن شدة منْ الأمر [الفظيع من] هول ذلك اليوم، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك، وقيل: هو عند الناس آخر أيام الدنيا، وأول يوم الآخرة لم يلق العبد يومًا أشد منه، عن أبي مسلم. {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} قيل: يوم حضور الملائكة وظهور أعلام الآخرة وقت النزع، فيدعون إلى الصلاة «فَلَا يَسْتَطِيعُونَ»، عن أبي مسلم، وقيل: هذا في الآخرة يؤمرون بالسجود تقريعًا فلا يمكنهم، وقيل: يحدث في أصلابهم صلابة تمنع من السجود «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ» أي: خائفة متوقعة للعذاب، وذكر العين؛ لأنه