قوله تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 44 وأملي لهم إن كيدي متين 45 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 46 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 47 فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم 48 لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم 49 فاجتباه ربه فجعله من الصالحين 50 وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون 51 وما هو إلا ذكر للعالمين 52}
  والزلق: أصله الزلل، زلقه وأزلقه: نحاه وبعَّده، يقال: زلقته فزلق أي: أزللته فَزَلَّ، وأزلقت الحامل: ألقت ولدها، وأزلقه ببصره: إذا أَحَدَّ النظر إليه، والمَزْلَقُ:
  الموضع لا تثبت عليه قَدَمٌ، وحكى قطرب عن يونس قال: لم أسمع الزلق والإزلاق من العرب، ولم نسمعه إلا في القرآن.
  · الإعراب: «وَمَنْ يُكَذِّبُ» أي: مع مَنْ يكذب، فحذف (مع) وتعدى الفعل إلى ما بعده، فعمل فيه، كقولهم: «تركت الناقة وفصيلها» أي: مع فصيلها، واستوى الماء والخشبة، قال الشاعر:
  يَا قَوْمُ مَا لِي وَأَبَا ذُؤَيبِ
  أي: مع أبي ذُؤَيب
  · النزول: قيل: في قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} نزل في الكفار، أرادوا أن يفتنوا رسول الله ÷ ويصيبوه بالعين، فنظر إليه قوم من قريش، وقالوا: ما رأينا مثله.
  وقيل: كانت العين في بني أسد، وكان تمر بأحدهم الناقة السمينة فيعاينها، ويقول لجاريته: احملي المكتل والدرهم لتأتينا باللحم، فما يبرح حتى تقع وتذبح، فسألوهم أن يصيبوا رسول الله ÷ بالعين ففعلوا، فعصمه الله تعالى.
  قال الكلبي: كان رجل من العرب إذا أراد أن يصيب صاحبه بالعين يجوع ثلاثة أيام، ثم ينظر إلى الشيء، فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنمًا أحسن من هذه، فما يذهب إلا قريبًا حتى تسقط طائفة، فسألوا هذا الرجل أن يصيب رسول الله ÷ بعينه،