التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 44 وأملي لهم إن كيدي متين 45 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 46 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 47 فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم 48 لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم 49 فاجتباه ربه فجعله من الصالحين 50 وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون 51 وما هو إلا ذكر للعالمين 52}

صفحة 7049 - الجزء 10

  وأنقذهم من الضلالة، وفتح السورة بنفي الجنون، ووصفه بمحاسن الأخلاق، وختم بذلك.

  · الأحكام: يدل قوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ} أن سؤال الأجر يُنَفِّرُ عنه، فنفى ذلك عنه، فنفي الكبائر أولى، فمن هذا الوجه يدل على عصمته ÷.

  وتدل الآيات أنه لا عذر لهم في الإقامة على الكفر، وأنه تعالى أزاح عللهم؛ لذلك أبطل جميع هذه الوجوه، وبَيَّنَ أنهم أُتُوا في ذلك من قِبَلِهِمْ، فمن هذا الوجه يبطل قول الْمُجْبِرَةِ: إن الله تعالى خلق الكفر فيهم، ومنعهم الإيمان، وقدرة الإيمان، وأراد منهم الكفر، ولم يرد الإيمان، وهذا من أوضح عذر لهم، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

  ويدل قوله: «فَاصْبِرْ» على وجوب الصبر في أمر الدين وتحمل المشاق.

  واستدل بعضهم بقوله: {لَيُزْلِقُونَكَ} على أن الإصابة بالعين صحيح، ورووا عن النبي ÷ «العين حقٌّ»، وقد بَيَّنَّا أن أبا علي أنكر ذلك، وأن القاضي جوَّزه على العادة، خلاف قول من قال: ينفصل من العين أشياء تؤثر في المرئي.

  ويدل قوله: {لِلْعَالَمِينَ} أنه مبعوث إلى الكافة، وأن القرآن حجة يوجب العلم والعمل.