قوله تعالى: {الحاقة 1 ما الحاقة 2 وما أدراك ما الحاقة 3 كذبت ثمود وعاد بالقارعة 4 فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية 5 وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية 6 سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية 7 فهل ترى لهم من باقية 8}
  الحاقة، ثم قيل: أي شيء الحاقة تفخيمًا لشأنها، وقيل: تقديره: هذه سورة الحاقة، وقيل: خبره فيما بعده، والحاقة الثانية مرفوعة ب (ما)، و (ما) بمعنى (أي).
  {حُسُومًا} نصب على المصدر، أي: تحسمهم حسومًا، وقيل: نصب على الحال، وقيل: هو نعت للأيام، بمعنى أيامًا حاسمة، وقيل: تقديره: سخر عليهم ريحًا حسومًا، فهو نعت للريح.
  · المعنى: «الْحَاقَّةُ» القيامة، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وجماعة المفسرين. «وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ» أي: ما القيامة تفخيمًا لشأنها، وقيل: إن ما «أدراك للمعلوم»، و «ما يدريك» لما ليس بمعلوم في جميع القرآن، عن سفيان. «كَذَّبَتْ ثَمُودُ» هم قوم صالح «وَعَادٌ» هم قوم هود «بِالْقَارِعَةِ» قيل: بالقيامة، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: بالنفختين: نفخة الموت ونفخة البعث، وقيل: بالعذاب النازل بهم حين وعدهم نبيهم، فلم يقبلوا حتى هجم عليهم، فقرع قلوبهم «فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ» قيل: بالصيحة التي نزلت بهم حتى أهلكتهم، عن قتادة، وأبي علي، وأبي مسلم، والطاغية: المتجاوزة في الفعل كل صيحة، وسمى الصيحة طاغية لتجاوزها الحد، والمراد العذاب النازل بهم، وقيل: سمي طغيانًا؛ لأنه جزاء على الطغيان، فسمي باسمه، وقيل: فأهلكوا بطغيانهم، فيكون الطاغية مصدرًا كالعاقبة والعافية، وقيل: أهلكوا بفعلهم الطاغية، فيكون نعتًا، وهذا معنى قول مجاهد، وابن زيد. «وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ» قيل: باردة، عن ابن عباس، وقتادة، وأبي مسلم. كأنه تصطك الأسنان بما تسمع من صوتها لشدة بردها، وقيل: الشديد المجاوز لحرها المعروف «عَاتِيَةٍ» أي: مجاوزة للحد في الشدة، شبه بالعاتي توسعًا، وقيل: عتت على خُزَّانها لشدة الهبوب فلم يدروا ما خرج وما بقي، عن الأصم، وقيل: عاتية مهلكة «سَخَّرَهَا عَلَيهِمْ» أي: سلطها، وأرسلها فما أقلع عنهم، كالمسخر لفعل ما، والتسخيبر: استعمال الشيء بالاقتدار، فاستمر ذلك «سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ» قال وهب: التي تسميها العرب أيام العَجُوز ذات برد ورياح شديدة، ونسبت إلى