التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الحاقة 1 ما الحاقة 2 وما أدراك ما الحاقة 3 كذبت ثمود وعاد بالقارعة 4 فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية 5 وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية 6 سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية 7 فهل ترى لهم من باقية 8}

صفحة 7055 - الجزء 10

  العجوز؛ لأن عجوزًا دخلت سربًا فتبعتها الريح فقتلتها اليوم الثامن، وانقطع العذاب، وقيل: سميت أيام العجوز؛ لأنها في عجز الشتاء «حُسُومًا» متتابعة ليست لها فترة، عن ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، أخذ من حسم الداء بمتابعة الكي عليه، كأنه تتابع عليهم الشر حتى استأصلهم، وقيل: دائمة، عن مقاتل، والكلبي، وقيل: كاملة لم تفتر عنهم حتى أفنتهم، عن الضحاك، وقيل: شؤمًا نكداء قليلة الخير حسمت الخير عن أهلها، عن عطية، وقيل: قطوعًا لم تُبْقِ منهم أحدًا، والحسم: القطع، عن الخليل. «فَتَرَى الْقَوْمَ» قيل: أراد الرجال، وقيل: بل الرجال والنساء «فِيهَا» قيل: في تلك الأيام والليالي، وقيل: في ديارهم وبيوتهم «صَرْعَى» قيل: مصروعين هلكى «كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ» قيل: أصول النخل، عن قتادة.

  «خَاوِيَةٍ» خالية الأجواف، قيل: ضرب الريح عليهم حتى استخرج ما في بطونهم، وبقيت أجسادهم لا شيء فيها، وقيل: شبه بذلك لعظم أجسامهم، وقيل: كانوا حفروا مواضع لأنفسهم، ثم استوثقوا بها، فاقتلعتهم الرياح، وصرعتهم كأعجاز النخل المقتلعة من أسفلها، وقيل: لما أرسل عليهم الريح قاموا لها، واعتمدوا على أرجلهم ليدفعوا الريح، فرفعتهم الريح بين السماء والأرض، ورمتهم على مناخرهم وأهلكتهم «فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ» أي: نفس باقية، وقيل: المراد به البقاء أي: هل ترى لهم بقاء «وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ» بينا معنى القراءتين «وَالْمُؤْتَفِكَاتُ» أي: المنقلبات، وهي قُرَيَّات قوم لوط انقلبت بهم، عن قتادة، وقيل: المؤتفكات: الآفكات، وقد يجيء «فعل وافتعل» بمعنى، فمعناه: الأمم الآفكة، أي: الكاذبة على الله الكافرة، عن أبي مسلم. «بِالْخَاطِئَةِ» أي: الخطيئة والمعاصي، فأخطؤوا الحق إلى الفساد «فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ» أي: عصوه فيما أمرهم به، وقيل: المراد بالرسول الرسالة، قال الشاعر:

  لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ ... بِسِرٍّ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

  أي: برسالة، عن أبي مسلم، والأول الوجه؛ لأنه الظاهر، وعصيانه يصح، فلا معنى لصرف الكلام عن ظاهره «فَأَخَذَهُمْ» الله بالعقوبة «أَخْذَةً رَابِيَةً» قيل: شديدة، عن