التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية 11 لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية 12 فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة 13 وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة 14 فيومئذ وقعت الواقعة 15 وانشقت السماء فهي يومئذ واهية 16 والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية 17 يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية 18}

صفحة 7058 - الجزء 10

  · الإعراب: نصب «دَكَّةً» لأنها قامت مقام المفعول، والاسم مضمر، وهو الألف.

  · النزول: عن أبي بردة الأسلمي أن رسول الله ÷ قال لعلي: «إن الله تعالى أمرني أن أدنيك ولا أقصيلث، وأن أعلمك وتعي، وحق على الله أن تعي»، ونزل: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.

  وعن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} قال رسول الله ÷ لعلي: «سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي»، قال: «فما نسيت شيئًا بعد، وما كان لي أن أنساه».

  · المعنى: ثم بين تعالى قصة نوح، فقال سبحانه: «إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ» أي: جاوز الحد في المقدار قال قتادة: طغى فوق كل شيء خمس عشرة ذراعًا، وقيل: أكثر، عن ابن عباس، ومجاهد. «حَمَلْنَاكُمْ» أي: حملنا آباءكم؛ لأن الابن يخاطب بالشكر على ما أسدى إلى أبيه من النعم، ويخاطب بمدائحه ومعائبه، قال تعالى: {فَلِمَ تَقتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٩١]، «فِي الْجَارِيَةِ» أي: السفينة، عن ابن عباس، وابن زيد، وقيل: طول السفينة ألف وثلاثمائة ذراع، وعرضها ستمائة ذراع تجري بين المائين، عن الحسن. «لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً» أي: عبرة وعظة تذكرونها، يعني الخبر عنها، وقيل: تذكروا بها عظم نعم الله في إنجائه وانتقامه من كفار قومه، وبيان قدرته وحكمته «وَتَعِيَهَا» تحفظها «أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» أي: تعي كل شيء، وتعلم، وقيل: حافظة، عن ابن عباس، وقيل: سامعة قابلة ما سمعت، وقيل: تقديره: ولتعيها، واللام لام الأمر، فالمراد لتسمع ولتحفظ؛ لأنها معطوف على قوله: «لنجعلها»، «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ» قيل: أراد به النفخة الأولى يموت عندها الخلق، وإنما قال: (نفخ) ولم يقل:

  نفخت؛ لأن تأنيث النفخة ليس بحقيقي، ويحتمل النفخة الثانية التي عندها تبعث «وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا» أي: كسرتا ودقتا، قيل: صارا ترابًا، عن ابن زيد،