التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية 11 لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية 12 فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة 13 وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة 14 فيومئذ وقعت الواقعة 15 وانشقت السماء فهي يومئذ واهية 16 والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية 17 يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية 18}

صفحة 7059 - الجزء 10

  وقيل: بسطتا بسطة واحدة، وقيل: ضرب بعضها ببعض حتى تفتت الجبال، وسفتها الرياح، وبقيت الأرض شيئًا واحدًا لا جبل فيها ولا رابية، بل تكون قطعة مستوية، وإنما قال: دكتا؛ لأنه جعل الأرض شيئًا واحدًا «فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ» أي: قامت القيامة «وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ» قيل: ضعيفة، وقيل: منخرقة، عن أبي مسلم، وقيل: صار بعد الصلابة كالصوف في الوهي «وَالْمَلَكُ» اسم يقع على الواحد والجمع «عَلَى أَرْجَائِهَا» نواحيها وأقطارها، عن الحسن، وقتادة، وسفيان، وقيل: هي لغة هذيل، وقيل: السماء مكان الملائكة، فإذا وهت صارت في نواحيها، وقيل: إذا رأى الخلق جهنم بدروا هاربين، فتردهم الملائكة، عن الضحاك، وقيل: على أرجائها ينظرون إلى الخلق، ثم ينزلون فيكرمون المؤمنين، ويعذبون الكافرين.

  ومتى قيل: إذا وهت السماء فكيف وقفوا على أرجائها؟

  قلنا: يجوز أن يتفرقوا في أرجائها، وقيل: هم لا يحتاجون إلى موقف صلب، ألا ترى أنهم يقفون في الهواء.

  «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ» هو العرش المعروف «فَوْقَهُمْ» قيل: فوق الملائكة التي على أرجائها، وقيل: فوق أفل الجمع «يَوْمَئِذٍ» أي: يوم القيامة «ثَمَانِيَةٌ» قيل: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا اللَّه، عن ابن عباس، وقيل: ثمانية أملاك، عن ابن زيد، وعن النبي ÷: «هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة أخرى فيكونون ثمانية» وقيل: ثمانية أجناس من الملائكة «يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ» قيل: يعرضون على ثلاث عرصات، ثنتان فيهما معاذير وجدال، وفي الثالثة تطير الصحف في الأيدي، فآخِذٌ بيمينه، وآخذٌ بشماله، في خبر مرفوع عن ابن مسعود، وقتادة، والعرض للجزاء والمحاسبة «لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ»؛ لأنه تعالى يعلم سرهم وجهرهم.