التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع 1 للكافرين ليس له دافع 2 من الله ذي المعارج 3 تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة 4 فاصبر صبرا جميلا 5 إنهم يرونه بعيدا 6 ونراه قريبا 7}

صفحة 7073 - الجزء 10

  · الإعراب: «بِعَذَابٍ» محله نصب، وإنما كسر بالباء، وتقديره: سأل عذابًا.

  «صَبْرًا» نصب على المصدر، وهو المفعول المطلق.

  «جَمِيلًا» نعت للصبر.

  · النزول: قيل: لما بعث النبي ÷ وخَوَّفَ أهل مكة بالعذاب قال المشركون بعضهم لبعض: مَنْ أَهْلُ هذا العذاب؟ سلوا محمدًا لمن هو؟ وعلى من ينزل؟ فأنزل اللَّه تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ}، عن الحسن، وقتادة.

  وقيل: إن النضر بن الحارث دعا، وقال: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، فنزل به ما سأل يوم بدر، وقتل صبرًا، ولم يقتل من الأسرى غير رجلين: النضر بن [الحارث]، وعقبة بن أبي معيط، عن ابن عباس، ومجاهد.

  وسئل سفيان بن عيينة فيمن نزل «سأل سائل»؟ فقال: لقد سألتني مسألة ما سألني أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن آبائه قال: لما كان رسول اللَّه ÷ بِغَدِيرِ خُمٍّ نادى الناس، فلما اجتمعوا أخذ بيد علي، وقال: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه» «

  ، فشاع ذلك في البلاد، فبلغ الحارث بن النعمان، فأتى رسول الله ÷ على ناقة حمراء حتى أتى الأبطح، وأتى النبي ÷، وهو في ملأ من أصحابه، فقال: يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة والصوم والحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا، وقلت: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» فهذا شيء منك، أو من الله؟ فقال: «والله الذي لا إله إلا هو، إنه من الله»، فولى الحارث بن النعمان وقال: اللهم إن كان ما يقول محمد حقًا فأمطر علينا حجارة من السماء،