قوله تعالى: {يوم تكون السماء كالمهل 8 وتكون الجبال كالعهن 9 ولا يسأل حميم حميما 10 يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه 11 وصاحبته وأخيه 12 وفصيلته التي تؤويه 13 ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه 14 كلا إنها لظى 15 نزاعة للشوى 16 تدعو من أدبر وتولى 17 وجمع فأوعى 18}
  · المعنى: ثم وصف تعالى اليوم الموعود به، فقال سبحانه: «يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ» قيل: عَكَرُ الزيت، عن مجاهد، وقيل: كالصُّفْرِ المذاب، عن أبي مسلم، والتشبيه وقع في ذوبه وجريانه، وقيل: حر جهنم يذيبها ويقطر على العصاة ذوبها «وَتَكونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ» كالصوف المصنوع، وقيل: كالصوف المنفوش، عن مقاتل، وقيل: كالصوف الأحمر، عن الحسن، يعني في ضعفه وتفرقه، وقيل: تصير أولاً كثيبًا مهيلاً، ثم عهنًا منفوشًا، ثم هباءً منثورًا «وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا» أي: قريب قريبًا شيئًا لشغل كل إنسان بنفسه عن غيره، عن قتادة، وقيل: لا يسأل حميم حميمًا ليعرف حاله؛ لأن كل أحد يعرف بسيماه، وقيل: لا يسأل أن يحتمل عنه شيئًا من أوزاره ليأسه من ذلك في الآخرة، عن الحسن. «يُبَصَّرُونَهُمْ» أي: يتبين لهم الحميم بأبصارهم فلا مخلوق إلا وهو نصب عينيْ صاحبه، يبصر قريبه وحميمه وعشيرته، ولا يكلمه، ولا يسأله شغلاً بنفسه عن أنفسهم، وقيل: يُبَصَّرُونَهُمْ أي: يعرف بعضهم بعضًا ساعة، ثم لا يتعارفون، عن قتادة، وابن عباس، وقيل: يعرفهم المؤمنون، عن مجاهد؛ أي: يبصر المؤمن أعداءه على حالهم من العذاب، فيشمت بهم ويسر، وقيل: يعرف أتباعُ الضلالِ رؤساءَهُمْ، وقيل: يعرفونهم، أما المؤمن ببياض وجهه، وأما الكافر فبسواد وجهه، عن السدي، وقيل: إن الله تعالى يبصر ملائكة العذاب مَن يستحق العذاب حتى لا يحتاجوا إلى سؤال، وذلك بعلامات يفعلها في وجوههم «يَوَدُّ الْمُجْرِمُ» أي: يتمنى المشرك والمذنب «لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ» أي: تمنوا سلامتهم بإسلام هَؤُلَاءِ الأعزة إلى النار والعذاب بدلاً منه، ثم يخلصه «وَصَاحِبَتِهِ» امرأته، «وبنيه»: أولاده، وقيل: بنوه «وَفَصِيلَتِهِ» قيل: عشيرته الأقربون منه «الَّتِي تُؤْويهِ» يأوون إليه «وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ» (ثُمَّ) بمعنى الفاء أي. فينجيه، معناه: يخلصه من العذاب «كَلَّا» أي: ليس كذلك، لا ينجيه من عذاب الله شيء، ثم ابتدأ فقال: «إِنَّهَا لَظَى» وقيل: كلا أن يظن ذلك، وقيل: كلا أن يكون