التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23 والذين في أموالهم حق معلوم 24 للسائل والمحروم 25 والذين يصدقون بيوم الدين 26 والذين هم من عذاب ربهم مشفقون 27 إن عذاب ربهم غير مأمون 28 والذين هم لفروجهم حافظون 29 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 30 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 31 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 32 والذين هم بشهاداتهم قائمون 33 والذين هم على صلاتهم يحافظون 34 أولئك في جنات مكرمون 35}

صفحة 7084 - الجزء 10

  غَيْرُ مَلُومِينَ» في الاستمتاع بهن «فَمَنِ ابتَغَى» طلب «وَرَاءَ ذَلِكَ» أي: سوى المنكوحة والمملوكة «فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» المجاوزون للحد «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ» قيل: ما يؤتمن المرء عليه كالوصايا والودائع والحكومات والعبادات ونحوها؛ لأن جميع ذلك ائتمنوا عليها «وَعَهْدِهِمْ» ما فرض عليهم «رَاعُونَ» حافظون «وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُو» قيل: يقيمونها ولا يكتمونها ولا يزيدون ولا يغيرون لقرابة أو جَرِّنفع، وقيل: هو الشهادة بين الناس، وقيل: المراد الشهادة في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[البقرة: ١٤٣] فيقيمون الشهادة في الآخرة، وقيل: قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة أن لا إله إلا الله لا يشركون به شيئًا، ولا يأتون بما ينقض هذا الأصل، والشهادة بالتوحيد والعدل والنبوات في الشرائع أعظم الشهادة «وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ» أي: يحفظون أوقاتها وأركانها وسننها فيؤدونها بتمامها، ولا يضيعون شيئًا منها «أُولَئِكَ» من تقدم صفتهم «فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ» معظمون بالثواب.

  · الأحكام: الآيات تدل على أشياء:

  منها: ذم الجزع، فيجب الصبر عند البلاء، وذم منع الواجب.

  ومنها: وجوب الصلاة والزكاة، والاعتراف بيوم البعث، وشيء من ذلك لا يصح إلا بعد معرفة التوحيد والعدل والنبوات والشرائع، فيتضمن الإقرار بأصول الدين.

  ومنها: الخوف من العقاب، فيترك المعاصي.

  ومنها: وجوب أداء الأمانات، وحفظ الفروج.

  ومنها: أن الجنة إنَّمَا تُنَالُ بهذه الأشياء، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنه ليس بجزاء، وخلاف المرجئة.

  وتدل أن هذه الأفعال حادثة من جهة العبد ليصح الأمر والنهي، والثواب والعقاب.