قوله تعالى: {قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا 5 فلم يزدهم دعائي إلا فرارا 6 وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا 7 ثم إني دعوتهم جهارا 8 ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا 9 فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا 10 يرسل السماء عليكم مدرارا 11 ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا 12}
  ومنها: أنه لو لم يعذبهم لجاز أن يبقوا، خلاف قول من يقول: لكانوا يموتون لا محالة، وقول من يقول: يعيشون لا محالة؛ لأنه تعالى قادر على الحالين.
  ومنها: أنهم يقدرون على الإيمان؛ لذلك خيَّرهم.
  ومنها: أن الإيمان والتقوى فعلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.
  ومتى قيل: إذا علم تعالى أنهم لو آمنوا لبقوا إلى وقت، فهلا قلتم: لهم أجلان؟
  قلنا: الأجل: الوقت، فما لا يدركه عمره ولا يموت فيه لا يسمى أجلاً، هذا كما نقول: لو لم يمت فلان لرزقه الله أموالاً وأولادًا، ثم لا يقال: له مال وولد، كذلك هذا.
  ومتى قيل: لو آمنوا فالتبقية ثواب لهم، كما أن الهلاك كان عقوبة؟
  قلنا: لا؛ لأن التبقية للتكليف، ولا تكون ثوابًا، بخلاف الهلاك.
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ٥ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ٦ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ٧ ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ٨ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ٩ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}
  · القراءة: في أ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب: «دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا» ساكنة الياء، وقرأ الباقون بفتح الياء.