قوله تعالى: {قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا 5 فلم يزدهم دعائي إلا فرارا 6 وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا 7 ثم إني دعوتهم جهارا 8 ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا 9 فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا 10 يرسل السماء عليكم مدرارا 11 ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا 12}
  · اللغة: الفرار: التباعد عن الشيء والذهاب عنه، إما رغبة عنه، وإما خوفًا منه، فر فرارًا فهو فارّ.
  والاستغشاء: طلب الغَشْيِ، وهو الاستتار، ومنه: الغشيان؛ لأنه ستر عقله، ومنه: الغاشية.
  والإصرار: الإقامة على الأمر بالصَّرِيمَةِ عليه، أَصَرَّ يُصِرُّ إصرارًا فهو مُصِرٌّ.
  والمدرار: الكثير الدرور، والدرور يجلب الشيء حالاً بعد حال على الاتصال، در يَدِرُّ دَرًّا ودرورًا فهو دارٌّ، والمطر الكثير الدرور: مدرار.
  والإمداد: إلحاق الثاني بالأول على النظام حالاً بعد حال، أمده بكذا يُمِدُّهُ إمدادًا، ومد النهر ومده نهر آخر.
  والنهر: المجرى الواسع من مجرى الماء، وجمعه: أنهار، وأصله: السعة، ومنه: النهار؛ لسعة الضياء فيه.
  · الإعراب: «استكبارًا» و «إسرارًا» نصب على المصدر، وذكره مبالغة.
  و «جهارًا» نعتٌ لمحذوف؛ أي: دعوة جهرة.
  · المعنى: ثم بَيّنَ تعالى قول نوح لَمَّا لم يجيبوه إلى دعوته، ولم يقبلوا مقالته، فقال سبحانه: «قَالَ» نوح «رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي» إلى الإيمان بك، وإلي عبادتك «لَيلاً وَنَهَارًا» يعني دائمًا متصلاً، وقيل: دعوت بعضهم ليلًا، وبعضهم نهارًا، وقيل: دعوت مرة ليلاً، ومرة نهارًا، عن أبي مسلم، والأول الوجه. «فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا» إنفارًا وإدبارًا لما دعوتهم إليه، وقيل: ازدادوا فرارًا عند دعائه، أضافه إليهم كما