قوله تعالى: {قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا 21 ومكروا مكرا كبارا 22 وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا 23 وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا 24 مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا 25 وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا 26 إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27 رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا 28}
  · الإعراب: (مَا) في قوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} قيل: صلة، وتقدير الكلام: من خَطِيئَاتِهِمْ، قال الشاعر:
  يَا ظبيةً عُطُلاً حَسَّانَةَ الجِيدِ
  · المعنى: ثم حكى تعالى عن نوح عادات قومه، ودعائه عليهم بالهلاك عند إياسه من إيمانهم، فقال سبحانه: «قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي» فيما دعوتهم إليه من عبادتك، وترك الأوثان، «وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا» أي: هلاكًا، وهم القادة والأشراف، أي: اتبعوا الأشراف تقليدًا، وهم بما أنعم الله عليهم لم يشكروه، ولم يؤمنوا حتى هلكوا «وَمَكَرُوا مَكْرًا» أي: دبروا في أمر نوح تدبيرًا «كُبَّارًا» عظيمًا، وأجمعوا على ذلك، قيل: بقي فيهم ثلاثة قرون كل قرن ثلاثمائة سنة، كل قرن يوصي الآخر ألا يقبل منه، وقيل: (مَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا) أي: قالوا قولاً عظيمًا، عن ابن عباس، وقيل: مكروا في دين الله وأهله مكرًا عظيمًا، عن الحسن، وقيل: اجترؤا على الله فكَذَّبُوا رسله، عن الضحاك، وقيل: تدبيرهم أنهم حثوا الأتباع على قتل نوح «وَقَالُوا» يعني الرؤساء للأتباع «لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا» قيل: هذه أصنام كان يعبدها قوم نوح، ثم عبدتها العرب فيما بعد، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وقيل: لما صارت هذه الأصنام إلى العرب كان وُدٌّ لكلب، وسُوَاع لهمدان، ويغوث لِمُذْحِجٍ، ويعوق لكنانة، ونسر لحمير، واللات لثقيف، والعزى لسليم وغطفان وجشم وسعد بن بكر، وإساف ونائلة وهبل لقريش بمكة، ولا شبهة أن هذه كانت أصنامًا تعبد زمن نوح.
  واختلفوا في سبب وصفها، قيل: كان لآدم خمسة بنين، وهذه أسماؤهم،