قوله تعالى: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا 1 يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا 2 وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا 3 وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا 4 وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا 5}
  قراءة العامة: «جَدُّ رَبِّنَا» بفتح الجيم، وعن عكرمة بكسر الجيم، أراد خلاف الهزل، وعن ابن السَّمَيْقَعِ: «جدا» من الجدوى، وهو المنفعة، ولا يجوز القراءة بهما، وإنما يجوز بالمستفيض الشائع.
  · اللغة: الإيحاء: إلقاء المعنى إلى النفس في خفية، ومنه سمي الإلهام وحيًا، ومنه:
  وحي الأنبياء؛ لأنه يخفى على الناس.
  والاستماع: طلب السماع بالإصغاء إليه، استمع استماعًا.
  والجن: جنس من المخلوقين، والمكلفون ثلاثة: الملَك، والإنس، والجن، فالملَك خلق من النور، والإنس [خُلِقَ] من التراب، والجن خلق من النار.
  والعجب: شيء يدعو إلى التعجب منه لخفاء سببه، وخروجه عن العادة.
  والجَدُّ: أصله القطع، ومنه الجَدُّ: العَظَمَةُ؛ لانقطاع كل عظيم عنها لعلوها، ومنه: جد فلان في قومه، أي: عظم فيهم، ومنه: الجَدُّ أبو الأب لانقطاعه بعلو الأبوة، والجد لانقطاعه بعلو شأنه، والجِدُّ خلاف الهزل لانقطاعة عن السخف، ومنه: الجديد لأنه حديث عهد بالقطع غالب الأمر.
  والشطط: البعد في الأصل، ومنه: شططت الدار، ومنه: الشطط: السرف في الخروج عن الحق، أبعده عنه، قال الشاعر:
  شَطَّ المزَاَرُ بِجَدْوَى وَانْتَهَى الْأَمَلُ ... فَلَا خَيَالٌ وَلاَ عَهْدٌ وَلاَ طَلَلُ
  · النزول: قيل: لما مُنِعَ الجنُّ من استراق السمع طافوا في الأرض، فاستمعوا القرآن فآمنوا به، ونزل الوحي به، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك.