التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا 16 لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا 17 وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا 18 وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا 19 قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا 20 قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا 21}

صفحة 7122 - الجزء 10

  «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» أي: لنخلصهم من الجدب إلى السعة، ومن دنس الكفر إلى الطهر، عن أبي مسلم، وقيل: لو استقاموا على الكفر فكانوا كلهم كفارًا لأعطيناهم مالًا كثيرًا، ووسعنا عليهم الرزق «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» اختبارًا وتأكيدًا للحجة، عن الربيع بن أنس، وزيد بن أسلم، والكلبي، والفراء، وابن كيسان. وليس بالوجه؛ لأن الاستقامة على الطريقة لا تستعمل إلا في الدين الصحيح، ولأنه تلطف في الاستدعاء، وحث على الطاعة، وقيل: إنه خطاب للجن، وقيل: للإنس، وقيل: لهما، وهو الوجه. «وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ» قيل: عن شكر النعمة، وقيل: عن طاعته «يَسْلُكْهُ» أي: يدخله «عَذَابًا صَعَدًا» قيل: شاقًّا، عن ابن عباس، والسدي، وقيل: لا راحة فيه، ولا رَوْحَ، عن قتادة، ومقاتل، وتقديره: متصعدًا في العظم، أو متصعدًا [قد] غمره وأطبق. عليه، وقيل: هو جبل في النار، عن عكرمة، وقيل: من صخرة صماء محماة يكلف الوليد بن المغيرة أن يَصْعَدَها وهو في السلاسل، ويضرب بالمقامع، فإذا بلغ أعلاها ينحدر إلى أسفلها، ثم يكلف صعودها وهبوطها، فذلك دأبه أبدًا، وقيل: الصعد: الطريق الشاق، ومنه: وقع الناس في صعود وهبوط، أي: طريق شاق، وقيل: هذا كله كلام الله تعالى أوحي إلى نبيه، وليس من كلام الجن، عن أبي مسلم. «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ» قيل: هي المواضع المهيأة للصلاة وهي معروفة، عن قتادة، وقيل: البقاع كلها، فكل موضع يسجد فيه فهو مسجد، عن الحسن، وقيل: هو الأعضاء التي يسجد عليها، عن سعيد بن جبير، والزجاج، والفراء. وهي سبعة أعضاء، وهي لله تعالى؛ لأنه خلقها ورباها وأنعم بها، وقيل: المساجد السجود، يقال: سجد سجودًا ومسجدًا، كقولهم: ضرب ضربًا ومضربًا، فإن حملناه على البقاع فواحدها مسجِد بكسر الجيم، وإن حملناه على الأعضاء فواحدها: مسجَد بفتح الجيم «فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا» قيل: المساجد بيت للصلاة لله تعالى، فأخلصوا العبادة لله تعالى، عن الحسن، وقيل: لا تدعوا غير اللَّه، كما يفعله اليهود والنصارى، والمشركون في بِيَعِهِمْ وكنائسهم، قال الحسن: من السُّنَّةِ إذا دخل المسجد أن يقول: