التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا 22 إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا 23 حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا 24 قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا 25 عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا 26 إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا 27 ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا 28}

صفحة 7128 - الجزء 10

  مصالحهم، وقيل: رصدًا من الملائكة حفظة، عن إبراهيم، وقتادة، وروي أن سورة (الأنعام) نزلت ومعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح، يحرسون رسالة الله من أن يطلع عليها أحد حتى يبلغوها، وقيل: أربعة من الملائكة يحفظونه، عن سعيد بن المسيب. «لِيَعْلَمَ» قيل: ليعلم محمد أن الرسل قبله أدوا رسالات ربهم وبلغوا، عن قتادة، وقيل: ليعلم من كذب أن قد أبلغوا رسالات ربهم، عن مجاهد، وقيل: ليعلم الرسل «أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ» على إحاطته بهم ويحصي لما بلغوه من رسالاته، عن سعيد بن جبير، وقيل: ليعلم الله، عن الزجاج، ومعناه: ليظهر من المعلوم على ما كان الله تعالي عالمًا به، وقيل: ليعلمه واقعًا كما كان يعلمه أنه سيقع، وقيل: ليعلم الرسول أن الملائكة بلغوا رسالات الله إليه، وقيل: ليعلم الجن أن الملَك بلغ رسالات ربه، وقيل: أراد ليبلغوا، فجعل بدل ذلك قوله: «ليعلم» بلاغهم توسعًا، عن أبي علي. «وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيهِمْ» أي: أحاط علمًا بما عندهم حتى يعلم كل شيء، ولا يخفى عليه شيء، فصار جميع المعلومات في معلومه بمنزلة ما أحيط به «وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا» أي: عدها عدًّا، أي: مع كثرة المعلومات المعدومة والموجودة عَلِمَ تعالى عددها، وصغيرها وكبيرها، وقليلها وكثيرها، وما يكون وما لا يكون، وما كان لو لم يكن كيف كان، وما لم يكن لو كان كيف كان، وقيل: العلم بما لا يتناهى يصح، والإحصاء لا يتناول إلا المتناهي؛ لأنه فعل، عن أبي علي، فإن حمل على العلم تناول جميعها، وإن حمل على العد تناول الموجودات.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: أن الملجأ من عذابه طاعته.

  ومنها: أن العصاة يخلدون في النار، خلاف قول المرجئة.

  ومنها: أن الجنة والنار لا تفنيان، خلاف قول جهم.