التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها المزمل 1 قم الليل إلا قليلا 2 نصفه أو انقص منه قليلا 3 أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا 4 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا 5 إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا 6 إن لك في النهار سبحا طويلا 7 واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا 8 رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا 9 واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا 10}

صفحة 7133 - الجزء 10

  قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم: «رَبُّ الْمَشْرِقِ» برفع الباء على الابتداء، وقيل: بإضمار (هو)؛ أي: هو رب المشرق والمغرب، وقرأ الباقون بالجر على أنه نعت لقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، وقيل: على البدل.

  · اللغة: المُزَّمِّلُ: أصله المُتَزَمِّلُ، وهو الملبد في ثيابه، فإذا جاء على الأصل يقال: تزمل يتزمل تزملاً: إذا التف، فأدغمت التاء في الزاي من غير إخلال بالحرف؛ لقرب المخرج، فصار المزمل، والتصريف منه ازَّمَّل يَزَّمِّلُ بتشديدين على الميم والزاي، وكل شيء لفف فقد زُمِّل، قال امرؤ القيس:

  كَأَنَّ ثَبِيرًا في عَرَاِنينِ وَبْلِهِ ... كَبِيُر أُناسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلِ

  والنصف: أحد قسمي الشيء المساوي للآخر في المقدار، كما أن الثلث جزء من ثلاثة، والربع جزء من أربعة، وهذه من صفات الأجسام، فإذا رفعت التأليفات عنها بقيت أجزاء لا توصف بأن لها نصفًا أو ثلثا أو ربعا، والعَرَضُ لا يوصف بالنصف والجزء، والقديم لا يوصف؛ لأن هذه عبارات عن مؤلفات على وجوه.

  ومتى قيل: فإذا وجب ألا يكون وصف القديم بأنه واحد لا يكون مدحًا له؟

  قلنا: نحن نقول: إن معنى قولنا: واحد: أنه مستحق لصفات لا يستحقها غيره، ككونه قديمًا قادرًا عالمًا لذاته ونحو ذلك، ومن يقول: معناه أنه لا يتجزأ، فليس بمدح، إلا أن يقال: إنه حي لا يتجزأ، بخلاف سائر الأحياء.

  والترتيل: ترتيب الحروف على حقها في تلاوتها وتثبت فيها، فأما الحدر: فإسراع فيها، وكلاهما حسن، إلا أن الترغيب هاهنا في الترتيل.